تاريخ النشر: 01/09/2009
الناشر: دار نلسن
نبذة نيل وفرات:"أنا احتفظ بدفاتر يومياتي، وهذه عادة قديمة، عرفت فوائدها الآن، وأنا أخطو إلى سنوات الهدوء الأخير الذي يسبق الخروج النهائي من ساحة، خروجنا منها مثل دخولنا إليها، بلا حيثيات، بلا تدبير"، وهذه الدفاتر ستكون مدخلاً وإطاراً لكل ما يريد الروائي السوداني، الوصول إليه والتعبير عنه في هذه الرواية التي ...تسير على خطين لن يكونا متوازيين إلا في السرد، لأنه يعود في النهاية ويجمعهما في نقطة التصالح مع الذات ومع الحياة بأحداثها المتوترة والموتورة أحياناً، وبنتائج تجاربها المخيبة للآمال والأحلام، بحقائقها التي تنفي أوهام الانفلات من قبضتها ومن طعمها المرّ، ومن دورتها التي تسير دائما وفق نظامها وحده غير آبهة برغبات الفرد وطموحاته وأهدافه.
الذكريات سوف تفيق على خط، يتداخل مع خط الحاضر المعاش. فالسارد هاشم الأستاذ الجامعي يعكف، مع "سميرة شرقاوي" زوجة صديقه "يوسف كامل" الذي اختفي في ظروف غامضة خلال مرحلة الحرب الأهلية في يوغندا، على نبش دفاتر مذكراته التي كتبها في هذه المرحلة بالذات، حين كان هو نفسه في كمبالا. لكن دفاتره تحتوي تفاصيل العام والخاص أيضاً، من اعترافات ذاتية ومن علاقات غرامية سابقة، ومن قصة حبّ فطرت فؤاده لأنه في عزّ عشقه للمحبوبة اضطر إلى تركها، "لكأن القدر أراد لقصتي مع الجميلة "كريستينا" أن تتزامن مع اشتعال النيران وانقلاب الأشياء إلى أضدادها"، ومع هروبه من جحيم الحرب الأهلية في كمبالا، التي اندلعت بعد 1979. قبلها ترك الخرطوم نتيجة "رتابة الحياة وبطء إيقاعها"، ونتيجة الخيبات المهنية والعاطفية، يقول لكريستينا: "لقد قتلت "بيتي" من أجلك أيتها العزيزة. قبلها، وفي الطريق إليك، قضيت على "عزيزة" هناك في الخرطوم."
في عودته إلى أرض الوطن واسترجاعه لهذه الذكريات المدونة مع "سميرة شرقاوي"، يحصل أنه يبدأ بالتعلّق بها، فيمحي ما سبق: "لن تقرأ "سميرة شرقاوي" هذا الدفتر..لن تقرأه أبداً.."، "لن تفهم أني كنت أسير رحلتي المرهقة، رحلتي الملتبسة، من صحراء الواقع إلى دغل الحلم.."، ويتحرر من طيف الماضي ومن حرقته، وتبادله هي الاهتمام وتتحرر من ملاحقة طيف زوجها الضائع. ويجتمع الخطان في نقطة واحدة ستكون بداية مرحلة جديدة من مصالحة التاريخ والذات وحتى الجغرافيا بين الخرطوم وكمبالا الأفريقية.
يتساءل القارئ في هذه الرواية الغنية بأحداثها ومشاعرها واستطراداتها، المشوقة بحبكتها وسردها ووصفها، إن كان ثمة رموز مخفية وراء وجوه وسمات الشخصيات النسائية التي قد تدل على سمات أخرى شاملة تضيء معالم البلدان والمدن التي تحدث عنها. إقرأ المزيد