تاريخ النشر: 28/07/2009
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"ما اللغة إن لم تكن فخاخاً؟؟/وما الكتابة إن لم تكن تفاحة محرمة؟!"
تقرن الكاتبة السعودية قولها هذا بالفعل في هذه الرواية التي تبغي كشف الحقائق التي تتستر خلفها النماذج البشرية في مجتمع لا حرية شخصية فيه في العلن، لكن كل شيء فيه ممكن في الخفاء. يجتهدون في الحفاظ على صورة ...اجتماعية مقبولة كي يتمكنون من اللعب عليها، ومن التلطي خلفها للتنفيس عن مكبوتاتهم، ولممارسة كل ما تمليه عليهم غرائزهم. فـ"المثقفون عموما لديهم هويات مزدوجة، هوية يقدمها للناس بصيغة المثقف المتنور، وهوية سلوكية تترجم حقيقته التي لا يراها إلا من يقترب منه بما يكفي ليحترق بنار تناقضه".
في إدانة ظاهرة لأجواء شريحة من المجتمع التي يفترض بها أن تكون المثال الذي يقتضى به في المجتمع، وأن تكون السبّاقة في الوعي وفي الممارسة، ودون التماس المباشر، والتقييم الفوقي، تعرّي الروائية من خلال الحدث والحوار والمشاهد، أفراد مجموعة من "المثقفين" الذين يتشدقون بالأفكار والمبادئ، لكن حقيقتهم مختلفة عن الظاهر، ولا يمكن التكهن بتصرفاتهم في الحياة الشخصية التي هي بعيدة تماماً عن معاني أقوالهم.
"لكنني لا أزال مراهقة ومجنونة وأكره الثعالب"، يدّل هذا الوصف على الزمن الذي تكتب فيه الراوية، وعلى إطار الأحداث والنماذج داخلها.
كان "علي يسكن أعمق أعماقي، أتنفس من خلاله كل ما يعبر هذا العالم من أحداث"، تقول مريم. وحين وصلت إليه كانت تظن أنها أنهت عذاباتها معه، لكنها اكتشفت أن "رحلة الألف ميل للتو تبدأ..بطيئة ومؤلمة ومليئة بعذابات لا أستطيع تجاوزها". رحلة اكتشاف مريم لحقيقة علي الذي يعبّر عن نموذج المثقف المربك الذي أحبته، ستكون الخيط الذي يجمع كل شخصيات الرواية. فهناك ناصر الذي "كعادته ملازم لعلي كظله"، والتلازم كان أكثر من طبيعي وعادي، كما ستكتشف في النهاية بطلة الرواية. وسعيد الداهية "يبدو للجميع أنه رب أسرة متزن، وهو لاعب بنص البنات!". ويوسف التي أغوته مريم انتقاماً لذاتها، لكنها تكتشف أن "كلما أيقنت أنني أحب بشكل صحيح فاجأتني النهايات". وندى المترددة في عواطفها وغير المتصالحة مع ذاتها. وريم "توأمي لكنها تختلف عني تماماً، لها عقل أبي وطيبة أمي". وعبير التي "لا تعجبها جلسات القشور هذه ولا تستطيع الانسجام مع روح النكتة وهي تتدفق بشعبية مغرقة من أفواههن".
تعكس هذه الرواية الصادقة في تعبيرها، صوراً مجهرية لنماذج شريحة اجتماعية هامة، استطاعت الكاتبة نقلها بأمانة، بأسلوبها الشيق وحواراتها المُحكمة، المدروسة والواقعية في آن. دون أحكام مسبقة، بل من خلال تجربة مرّة، تطرح الكاتبة تساؤلات جدية حول أجواء المثقفين وبوتقتهم المقفلة، وحول العلاقات البشرية وطبيعة العلاقة بين الجنسين، وحول فحوى خيارات الأنثى ضمنها. إقرأ المزيد