البحر الزاخر في علم الأول والآخر
(0)    
المرتبة: 28,107
تاريخ النشر: 01/01/2012
الناشر: دار سعد الدين
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:يعد ابن تغري بردي من كبار المصنفين البارعين في العصور المتأخرة، القرن التاسع الهجري، ومصنفاته كثيرة ومشهورة وسائرة بين الناس، لما عرف عنه من علم وموسوعية ومراجعة ونقد، فهو كما يشير الدارسون حقيقة يراجع مصادره وينتقدها، وقد وقف على ذلك صراحة الدكتور محمد كمال الدين عز الدين علي السيد في ...حديثه عن منهجه في كتابه الصادر حديثاً (البحر الزاخر في علم الأول والآخر)
والذي يصدر أول مرة ضاماً ما تبقى من الكتاب قبل أن يصل إليه مصير الأجزاء الأخرى منه، فبعد ستة قرون من الزمن والتنقل لم يبق من الكتاب سوى القسمين الثالث والخامس، وضاع الأول والثاني والرابع على أقل تقدير، فالكتاب موسوعي، وأريد له أن يكون مستوعباً، ولنا أن نقدر فداحة خسارة ضياع مخطوطات كتبنا في رحلة الأقدار.
البحر الزاخر وما تبقى
وقف الدارسون على أعمال ابن تغري بردي الجليلة والكبيرة مثل النجوم الزاهرة، والمنهل الصافي، وأفادوا منها كثيراً، والمؤلف هو من الأسماء الذائعة في التراث العربي وخاصة للنجوم الزاهرة، والبحر الزاخر من المصنفات التاريخية الجليلة، وهو يماثل الكتب المصادر التي أخذ عنها مثل تاريخ الطبري والكامل في التاريخ، ولعل ما تميز به المصنف أنه لا ينقل الحوادث والأمور من مصادرها دون تدقيق، بل يقف عليها وينتقد هذا الأمر وذاك حتى يصل إلى أمر موثق لديه، وقد يورد أمراً موجزاً حتى لا يخرم منهجه في الاستقصاء، ويحدث سقطاً في التاريخ الذي تناوله، ودليل ذلك ما قاله عند ذكر ملوك الروم كما استخلص المحقق الفاضل «تتلخص هذه النظرة في التشكك في معلومات المصادر الموردة لها، للاختلاف والتباين بين المؤرخين: ولولا أن الشروع ملزم لما ذكرت هؤلاء الطبقة الأولى من ملوك الروم، لما في عددهم من الاختلاف والتناقض بين المؤرخين والمشهور منهم المعول عليه من قسطنطين إلى هرقل الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم في أيامه» ص19. وقد وقفت عند هذه القضية لما لها من أهمية، فهي ترفع المصنف ابن تغري بردي درجات في نظر المدقق، لأنه ينتقد ويصطفي، ولا يعتمد الكم، ولا بأس لديه من إلغاء الكثير مما جمعه لمصلحة العلم والدقة والغربلة.
ماذا يقدم البحر الزاخر؟
يضم المجلدان المنشوران، واللذان يحتويان أربعة أقسام القسمين الثالث والخامس من الكتاب، وإلى ذلك يشير المحقق السيد «وهما كل ما تبقى من الكتاب فيما أعلم أنه تاريخ مطول يبدأ ببدء الخليقة وينتهي بعدد من الحوليات الهجرية المتتابعة، ابتداءً بالسنة الأولى منها» ويحدد المحقق المحتويات لما تبقى ونشر بحدود 1400 صفحة في مجلدين.
أما أسلوب المصنف، وهو من العصور المتأخرة، فلا يختلف كثيراً في الأطر العامة عن المصنفين الذين عاش زمانهم، والذين جمعوا الموسوعات الكبيرة، والمحقق يقف عند عاملين كانا مؤثرين في هذا الكتاب تحديداً:
أ- ميل المؤلف إلى الاستطراد حرصاً منه على تدوين معلومات مصادره.
ب- ولع بنقد حوادث عصره، ومناقشة مصادر مصادره والتعقيب على مادتها.
ويذكر المحقق خاصة من خصائص الكتاب التي تحتمل السلب، أو تحمل على أنها أسلوب عصر (التكرار) فيقول: ومن أجل ذلك أتت مادة الكتاب مكررة العناصر في الباب الواحد أو في أكثر من باب منه.
وقد حصر المحقق مصادر المصنف الرئيسية في ستة عشر مصدراً تبدأ بتاريخ الرسل والملوك للطبري 310هـ وتختتم بفتيا بقاء الخضر عليه السلام لابن حجر العسقلاني.
وأطرف ما اتبعه ابن تغري بردي تسويغ المنهج النقدي في الجرح والتعديل، وقد وضعه حيث يجب أن يوضع من النقد «لقد هتك ستر من لا ستره الله، وأوضح أمر أولئك المدلسين، وعرّف الناس بأغراضهم ومقاصدهم السيئة» .
وفي هذا الجانب يتابع المحقق السيد مرهقاً نفسه ملاحظات ابن تغري بردي على المصنفات والمؤلفين، وكم رغبت وأنا أقرأ الكتاب وأتلمس هذه الملاحظات وغيرها من الملاحظات التي لم يتوقف عندها المحقق، خاصة في الجوانب الأدبية أن يفرد دراسة مطولة لهذا الكتاب وأسلوب مصنفه، هذا ليس واجباً، لكن يكون مفيداً وسهلاً لمن عايش هذا الكتاب وعاين أسلوبه مدة طويلة من الزمن حتى صار يتحدث كما يتحدث مصنفه... وهنا لابد من ذكر أمر كنت أتمنى أن يأخذه المحقق بعين الاعتبار، وهو العودة إلى المظان، فعندما يرد الشعر يحسن أن يتم التخريج من الدواوين، خاصة أن الدواوين متوفرة، وكثير منها بين أيدينا، ولا يعقل أن يرد شعر للحطيئة، وأكتفي بذكر المصدر التاريخي الذي أخذ عنه المصنف، وهذا من باب البحث عن المرتبة الأفضل، وحسب المحقق أن أجهد نفسه في ترتيب عمل من الصعب أن يكون.
العرض والتميز
استعرض الكتاب بأجزائه الأربعة خلال أسبوع، ولا أزعم أنني قرأته بتمامه، عرفت خصائص أسلوب المؤلف، وتتبعتها بتحريض من المحقق في المقدمة، ولكن أشير إلى أنني وقفت مع المجلد الأول عند الفرق الإسلامية، وللمصنف آراء تروق للقارئ في نقد التشتت وأسبابه ونتائجه هذا الذي بدأ مع ظهور الشقاق والفرق، ولكن المصنف أدخلني مرة أخرى تلك المغاور التي فصلها الشهرستاني في الملل والنحل، وربما كان للظروف التي نعيشها اليوم الأثر في التوقف عند الفرق، مع خلاف في النظر بين اليوم والأمس إلى هذا الموضوع الشائك الذي يجب أن تتسلح بالكثير من العلم قبل ولوجه.
وكذلك أحببت هذا الاختصار في الجزء الثالث والرابع/المجلد الثاني للحوليات والأحداث، وخاصة المطعمة بالشعر والأدب والشخصيات التي نشعر بها بشكل مباشر. إقرأ المزيد