تاريخ النشر: 26/08/2008
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
نبذة نيل وفرات:بين السمات البارزة التي تتصف بها الثقافة العربية الراهنة،غياب التأمل في تاريخها، وفي المشكلات التي واجهتها ، منذ 1950 حتى اليوم، أنه غياب يحوّل هذه الثقافة الى سلسلة متقطعة منحصرة في الأحداث المتقطعة. وهو، الى ذلك، يغّيب أصول الأحداث، يغيّب الماضي-الجذر.
وإذا غاب الماضي عن الرؤية والفهم، لا يعود الحاضر ...الا لحظة عالقة في الفراغ. ومهما كان فهم اللحظة بارعاً وذكياً، فإنه يظل جزئياً وعابراً. هذا الغياب هو نفسه مشكلة ثقافية، ذلك أنه يتواصل ويتّسع، على الرغم من التغيرات"الشكلية" الضمنية التي تمّت في السنوات الخمسين الأخيرة، على أصعيد الأنظمة، على صعيد القضية الأولى – موضوعياً، على الأمل: فلسطين، على صعيد الحروب العربية-العربية، على صعيد العلاقات بين العرب والعالم، وبخاصة بعد الحدث المفترق:11 أيلول 2001، والنتائج التي إستتبها، عربياً، وإسلامياً، ودولياً.
هذه التغيرات جديرة بأن تخرج الفكر العربي من سياقه " الثابت"، الذي يكاد "ثبوته" أن يتحول الى "سبات" بدلاً من أن يتحول هذا الفكر الى حركة نقدية شاملة وجذرية، لا للسياسات وحدها، وإنما كذلك للأسس التاريخية والفكرية التي تنتمي إليها وتصدر عنها، يظّل، على العكس، في سياقه التقليدي يعالج الظاهر السياسي المباشر، بغضب على الآخر، غالباً، ورضى على الذات، غالباً. أو يعالجه بنوع من التسويغ يجد أسبابه في التاريخ او المرحلة. أو يعالجه بوصفه "حدثاً خاصاً يمكن التغلب عليه والإفادة منه، لاحقاً. هكذا تبدو "قضاياناً السياسية والفكرية كمثل صور لا تكاد تظهر على شاشة حاضرنا، حتى تختفي ويأخذها النسيان.
وتبدو الحركة الفكرية العربية، في هذا كله، عبر وسائل الإعلام، كأنها معمل هائل ل "دفاع" لا قيمة له، و"تسويغ" لا طائل وراءه، و " استنساب" باطل، و"مصالحة" مع أمجادنا الماضية ليست الا إستيهاماً. هوذا التغير يحدث حولنا، أمام عيوننا، في بيوتنا، فلماذا لا يحدث "بينناً، وفي عقولنا، هوذا التغير يحدث حولنا، أمام عيوننا، في بيوتنا، فلماذا لا يحدث "فيناً، وفي عقولنا؟ لننظر على سبيل المثال، كيف كانت إسرائيل، منذ خمسين سنة، وكيف أصبحت؟ لننظر، بالمقابل، كيف كانت فلسطين، وكيف أصبحت؟ أم أننا نرفض النظر أو لا نتجرأ عليه، أو لا نعرف أن ننظر؟ لماذا لا نرى الواقع الذي يضرب وجوهنا كل يوم؟ وهل أقدم أمثلة أخرى؟
واليوم، في ضوء هذه التغيرات، الا تبدو بعض الأفكار – الشعارات التي حكمتنا، طوال السنوات الخمسين الأخيرة، كمثل الوحدة والقومية، والإشتراكية ... الخ، ألا يبدو كأننها لم تكن الا وسائل، مجرد وسائل، إما للوصول الى سلطة ممكنة بمحاربة سلطة واقفة، وإما للقضاء على الحرية، حرية الفكر والمساءلة والنقد، وإما ل "تجريم" أو "تشويه" إستقلالية الرؤية، وتهميش أو نبذ النظرات الفكرية العربية المبدعة التي تحاول أن تخلق سياقاً آخر للفكر والعمل العربيين، و أفقاً آخر؟ بل كأنها لم تكن الا وسائل للتشكيك بأخلاقية المفكرين والكتّاب الأحرار، ولإبتكار قيود أخرى وسجون أخرى، ولتأسيس كبح منظم للعقل والإرادة.
تلك هي جزء من رؤية الكاتب أدونيس واستشفافات له في ميدان الثقافة الذي يرى بأن النفاق، في يومنا هذا، أضحى سيد ثقافتين: ثقافة نؤسس لها السلطة، ثقافة "أمني" والتي تقابلها عند المواطن "ثقافة الأمناء" من عدوان السلطة، سواء بالصمت أو الإنعزال والبعد عن السياسة، أو بالنفاق والتزلف. وهذا مايؤكد على أن إعادة النظر،جذرياً، في الثقافة العربية سياسة" وفكراً لا تكتمل ولا تصح الا إذا إقترنت بإعادة النظر في هذا الذي يسميه أدونيس" الجمهور" العربي-سلوكاً وفكراً، وأخلاقاً وفي ذلك وجهة نظر يمكن للقارئ متابعتها من خلال مقالات أدونيس التي تنوعت مواضيعها ومحاورها والتي تتجاوز في بعض الأحيان، وبالنسبة للكثيرين، الخط الأحمر في معالجتها وتحليلاتها. ومهما يكن من أمر، فإنها مقالات تهدف الى إجراء إصلاح جذري في الفكر والسياسة.نبذة الناشر:أخذت العرب إسم الأندلس من إسم سكانها الأصليين الفانداليس فقالوا فانداليسا أو فاندالوزيا وأطلقوا عليها جزيرة من باب التغليب فقالوا جزيرة الأندلس كما قالوا جزيرة العرب، وماهي في الحقيقة إلا شبه جزيرة لإتصالها من أقصى الشمال بجبال البيرنات لأو الثنايا كما كان يعرفها العرب، قدروا القسم الجنوبي من شبه جزيرة فانداليس أو إيبيريا أو إسبانيا بمسيرة ثلاثين يوماً طولاً وزهاء عشرين يوماً عرضاً. يحدّها البحر من أطرافها الأربعة إلا من الشمال الشرقي. وميزات وصف الأندلس كما قال إبن سعيد: إنها جزيرة قد أحدقت بها البحار فأكثرت فيها الخصب والعمارة من كل جانب.
والأندلس في عرف أهلها اليوم عبارة عن ثماني ولايات: ولاية المرية وولاية قادش وولاية قرطبة وولاية غرناطة وولاية حولفا وولاية جيان وولاية مالقة وولاية إشبيليا. هذا ما يطلق عليه اليوم إسم الأندلس. بيد أن حكم العرب تجاوز ذلك الى برشلونة وما وراءها من الشرق الى لشبونة وما جاورها في القرب ولم يبق في أيدي الإسبانيين والبرتغاليين من هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها زهاء نصف مليون وأربعة ألاف كيلومتر مربع سوى أراض مصخرة ضئيلة من الشمال تعرف ببلاد الجلالقة وآستوريا.
فالعرب لم يملكوا إذاً الجزيرة بأسرها حين فتحوها، وإنما ملكوا معظمها ولذلك لا تعرف مساحة الأندلس العربية على التحقيق. ويقول المسعودي أن مسيرة عمائر الأندلس ومدنه نحو من شهرين ولهم من المدن الموصوفة نحو أربعين مدينة. وقال غيره أن في أرض الأندلس العامر والغامر فكانت من ثم مساحة الأندلس تختلف بحسب تغلب العرب غلى أعدائهم، أو تغلب أعدائهم عليهم. وكم من الأقاليم والمدن في الشمال والغرب والشرق دخلت مرات في حكم العرب ثم خرجت عنهم.
فقد كان عملها لعبد الرحمن بن معاوية في القرن الثاني ثلاثمائة فرسخ في ثمانين. ثم صغرت في القرن الثامن حتى أصبحت كما وصفها العمري، كمفحص ضيقاً، ومدرج النمل طريقاً. إنها الأندلس التي قضى العرب في أرجائها ثمانية قرون، وتمّ نحو نصف مدينتهم فيها. كانت بجملتها وتفصيلها عهد السعادة والغبطة، ودور ظهور النوابغ وأرباب البدائع والقرائح. وكم من أمة من أمم الحضارة الحديثة على كثرة ماإقتبست وأوجدت، لم يتيسر لها حتى اليوم أن تبلغ مكانة الأندلس. وهاهي القصور تشهد على ذلك.
وهاهي المصانع الكثيرة التي بقيت بقاياها في طليله وقرطبة وإشبيليه وغرناطة سلبتها الفتن والجهل تارة شطراً من بهائها، وسالمتها حيناً فأبقت عليها، أو رمحت شيناهما أضرت به عوامل الأيامراضأ، وإن لم تعد إليها نضرتها الأولى.
واليوم فإن إسبانيا مثال حي من حضارة العرب في القارة الأوروبية عامة، وفي شبه جزيرة إسبانيا خاصة يفتخر به العرب على إختلاف أصقاعهم وحق لهم الفخر، لأن الأندلس العربية الإسلامية كانت وما زالت مدرسة الغرب المسيحي، نزل طلابهم في قرونهم المظلمة على علماء العرب فأوسعوهم من مكارمهم وأخلاقهم، وأكرموا مثواهم بما علموهم. والى اليوم لم يزل في الغربيين أناس يصعب عليهم الإعتراف بمزية العرب، فلا يكادوا يصدقون حتى بما ورد في كتبهم من أعمال هذه الحضارة العربية. وماذاك الأثر الضئيل الباقي من عاديات الأندلس العربية، إلا برهان جليّ على ماكان هناك من عدل شامل، وعقل كامل، ونظر نافذه، ويد صانع، أربب على ماعمل من مثلها في سائر البقاع والأصقاع. من هنا يأتي هذا الكتاب الذي يلقي الضوء على غابر الأندلس وحاضرها، من خلال دراسة تناول المؤلف من خلالها فتح الأندلس وأهلها وأشهر مدنها وآثارها. إقرأ المزيد