البحث الدلالي في كتاب سيبويه
تاريخ النشر: 01/01/2018
الناشر: دار دجلة ناشرون وموزعون
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:من المعلوم أن القدماء قد وضعوا الأسس القويمة في بناء الصرح اللغوي الذي ارتقى وازدهر بمرور الأيام على يد علماء أفاضل لما أضافوا إليه من عصارة أفكارهم ومعالجاتهم التي أثرت الدراسات اللغوية وأثارت مناحيها، فتجلت مستوياتها الفونيمية والمورفولوجية والتركيبية والدلالية، تلك المعالجات والطروحات التي لا تنأى كثيراً عمّا بلغه ...البحث الألسني الحديث بعد ذلك التطور الذي شهدته ميادين الحياة كافة، وإذا أردنا أن نسقط الضوء على جهود العلماء الأوائل فإن سيبويه (ت 180هـ) يقف بشموخ أمام هذا الصرح العلمي لما قدّمه من جهدٍ في إستقراء الأصول وإستنباط الأحكام من الذخيرة اللغوية المجموعة من الكلام الجاري على ألسنة المتكلمين به، وتعنينا هنا الأصول والأحكام الخاصة بالمستوى الدلالي، ويأتي إيلاؤه هذا المستوى العناية لإدراكه التام ووعيه العميق بأن مؤدى ما يبغيه المتكلم هو حصول الفهم.
وهذا الأمر لا يمكن بلوغه من غير ترابط المكونات اللغوية المنضوية تحت إطار نظامي وتعالقها شكلياً ومعنوياً، مما يحمل المتكلم على إنتظام الأفكار قبل إستحالتها أصواتاً تتألف في ضوء التناسق الحاصل بين التتابعات الصوتية من خلال القوانين اللغوية - عموماً - التي توجه المستوى الفونيمي والمورفولوجي والتركيبي والدلالي، فأودع هذه الأفكار الجليلة في كتابه الذي يمثل جهداً تأليفياً بكراً، لولاه لتناثرت هذه الطروحات وضاعت، وعالج ضمن هذا المؤلف أفكاراً لغوية وظواهر خطابية أسلوبية معالجة دقيقة منتظمة، تبحث عن العمق الدلالي والتغييرات التي تعتريه، وفاعلية ذلك في البناء الخارجي، رابطاً كلَّ ذلك بالمقام والمكونات الثقافية والنفسية والإجتماعية لكل من الباث والمتلقي، إلى جانب تلمسه للعناصر الأساسية في تشكيل الخطاب اللغوي بتمعنه في الرسالة اللغوية وكيفية إصدار المتكلم لها، ومدى قدرته على إيجاد خط متوازن بين بنيتها التحتية وتشكيلاتها الإنجازية السطحية بمراعاة الأوضاع الخارجية التي يندرج عنصر المخاطب تحت فضائها الواسع، وطبيعة تلقيه وإستجابته للمحفزات الكلامية بحيث يقتدر على تشكيل محاورة كلامية متتابعة تدخل في صلب نظرية الإتصال اللغوي، الأمر الذي جعل هذا الكتاب ذا قيمة كبيرة وطراز دراسي خاص حريّ بإعادة قراءته قراءة معاصرة في ضوء التطور الحاصل في الفكر الألسني الحديث ولا سيما المستوى الدلالي سعياً لتأصيل البحث الدلالي لدى سيبويه، ووقوفاً عند أفكاره التي تجلت في إضاءة هذا المنحى.
لذلك، تناولت المؤلفة كتاب سيبويه بالدراسة وأولت عنايتها بالمظهر الدلالي في كتاب سيبويه، وحيث تعمق هذا البحث في عرض المظهر الدلالي للنظام المورفولوجي والتركيبي المنضوي تحت الأنماط الخطابية ومعالجة الظواهر الإنزياحية المتمثلة بالتغييرات الأسلوبية وإستكناه الدلالات الناجمة عنها، وقد عُزِّزت هذه المعالجات بإيراد نصوص الكتاب وشرحها وتحليلها والتعليق عليها، ودراستها في ضوء الإرث اللغوي واللغويات المعاصرة، ذلك أن هذه الدراسة مقاربة دلالية بين منابع الفكر اللغوي الأصيل والدرس الألسني، قصد التأسيس لفكر لساني عربي متجذر في التراث اللساني العربي يرتبط بالفكر اللساني العالمي، محققة بذلك التواصل بين المورث اللساني العربي والروافد اللسانية الحديثة، وبناء نسقٍ معرفي في صلب الدلالة. إقرأ المزيد