غرباء في الرمادي ؛ ذاكرة موت
(0)    
المرتبة: 45,496
تاريخ النشر: 06/03/2008
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:"أحمل روحي على كتفي مثلما أنسف الشماغ. أعود إلى ذكريات الطفولة وأتذكر المدرسة والأصدقاء القدامى وتتداخل الذكريات مع بعضها بعضاً فتسيطر عليها ذكرياتي مع نوارة، هذه الأنثى الطاهرة التي لم تتلوّث ولم تدنّس، هذه الأرمنية العربية أيضاً البعيدة عن وطنها المغتربة المنفية. أنتظر مجيء والدي ولكن ربما لن يأتي ...ولن يحالفه الحظ وربما سيموت على الحدود أو في الصحراء أو يتوه فيها.. أحاول ألا أكون متشائماً في تفكيري وأتصبر وأوهم نفسي بحياة جديدة وإغلاق صفحة الهم والعثرات وفي كتاب الحزن نهائياً، ولكن ذاكرة الموت تملأني فأحاول التركيز على مخطوطتي التي أعكف على كتابتها، يجب أن أرغم نفسي على إنهاء كتابة سيرة ذاتية لمجتمع بأكمله وليس سيرة ذاتية لفرد واحد، وأكتب عن هذه الصحراء المترامية الأطراف وعن وحشتها وعن ناسها وسكانها وآلامهم المنسية، علّ وعسى أن يقرأني الزعماء والأجيال القادمة. أكتب لك يا نوارة عسى أن تجدي من يقرأ لك روايتي ولك أن تحتفظي بها لحين أن تتعلمي القراءة أو لحين افتتاح مدرسة لتعليم البنات. أكتب لأمي في قبرها وشهيد الحب خليل ولوطني الصحراء".
هكذا هي الحياة.. مملوءة بالموت ونحن ممتلئون بها ولكننا نعتزلها في أول صدفة ألم عميق بعزلة وانزواء داخل الروح أو خارجها ولو كنا في وسط الزحام. هي التي نحبها ونموت فيها، ولربما لهذا السبب لا تحبنا. نتشبث بها هرباً من العالم الآخر والمكتوب علينا وعلى هذه الدعوة الكريمة (الحياة) بالموت إن لم تكن تعيشه في داخل كل منا. موت بالجوع أو موت بالرصاص أو شنقاً أو تحت أحذية الجند، وجنازير الدبابات, والموت بالحب أيضاً.. واقع أشبه بالخيال إن لم نعشه طوعاً عشناه رغماً عنا مع سبق الإصرار والترصد.
هو ذا واقع المواطن العربي الذي يعوّض نقص فيتامين المواطنة الحقيقية ببلاده العربية المغلوبة على أمرها وأبنائها وثرواتها داخله بأن يمارس الانتماء بالحب أو بالتعبد أو بتكبد حزن أو قهر المستحيل، كمن يحاول حمل البحر على كتفيه دون أن يصاب بالبلل، فيحمل هذا الإرث الشرعي وغير الشرعي فوق كتف ضميره ومصيره، مسافراً معه بارتحالاته وفي منافيه المانحة له فرصة العيش، والإحساس والكتابة والتفكير والتصديق بأنه من فصيلة بني آدم، ذلك وله الحق في هذا الطين شرعاً وقانوناً. ولكنه في النهاية لا يملك الحق بالتمتع به. ذاك هو المواطن العربي الذي يستحضر الروائي سيرته الذاتية، ذاك هو الغريب في أرضه ووطنه الذي يمثّل الشخصية المحورية في هذه الرواية. إقرأ المزيد