دروس في القانون المدني - العقد - الجزء الثاني
(0)    
المرتبة: 244,791
تاريخ النشر: 27/01/2008
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:من الأعمال القانونية التي ترتب موجبات كان العقد أهمها ولعله أقدمها. إذ منذ تجمع الإنسان مع آخرين في البيئة الواحدة شعر بضرورة التعامل مع غيره فيها، وكان من أغراض تعامله تأمين الحاجات اللازمة فانبثق العقد عن هذا التعامل كأداة لتبادل السلع والأموال. ولم يكن العقد وليد نظريات قانونية حديثة ...إذ يرجع إلى العصور الغابرة التي عرفت التعايش بين الناس من المحيط الذي كان يضمهم. فتوقف عنده الرومان وبحثوا فيه إنما صاغوه في مراسيم شكلية ألزموا بها المتعاقدين بدلاً من التقاء بسيط لإرادتين توافقتا على إنشاء موجبات متبادلة بينهما. أن وجوب هذه الشكليات استمر ردحاً من الزمن، ولكن بتأثير الحضارة اليونانية، أخذت تضمحل رويداً رويداً. ومن ثم مع تطور علاقات الناس وازديادها وتنوع مواضيع العقود والنتشارها مع التجارة المتنامية؛ أصبح النظام القانوني للعقود أكثر مرونة وأبعد عن الشكليات الاحتفالية وأمسى لحرية التعبير عن الإرادة مكانتا الأولى في التعامل بين الناس. أجازت الشريعة الإسلامية إتمام العقود بمجرد التراضي ولم تفرض شكليات ومراسيم معينة لإجرائها. إلا أنه من ناحية ثانية حثت الشريعة الإسلامية المتعاقدين على توثيق العقود بالكتابة والإشهاد بقصد إثبات التصرف وحفظ الحقوق وتأمين الاستقرار في التعامل. وإذا كانت نظرية العقد قد تطورت بعد القانون الروماني عملاً بسنة التطور والتبدل، فإن لها من الثوابت التي لم تمتد إليها يد التغيير لتزيلها وقد تاثر العقد بمحيطه وبالفلسفة السائدة فيه، فيوم كانت فلسفة الحرية الفردية هي الغالبة كانت لها ردتها على العقد فتجلت الردة بمبدأ سلطان الإرادة الذي أمسى محور التعاقد ومبعث مبادئ تنبثق منه أو ترجع إليه. فالإرادة هي التي تحدث الموجب وتعدّ له وتلتزم به وتنفذه. وبالتالي بمجرد توافق إرادتين على إنشاء موجب معين أصبح ملاماً لهما لأنهما ارادتا ذلك، فالقوة التنفيذية للعقود تنبع من سلطان الإرادة القادرة على إنشاء الموجبات وتنفيذها وإزالتها.
وفي الواقع إن تطور الحياة الاقتصادية وازدياد التبادل التجاري وتطور وسائل الإعلام والاتصال وتضاعف عدد الأطراف في العقد قد انعكس بدوره تطوراً في مفهوم وتكوين العقد وأصبحت الفترة السابقة للعقد فترة مهمة في تكوينه وأصبح الأطراف غالباً ما يمهدون لإبرام العقد بفترة من المباحثات يناقشون خلالها الأوضاع الاتفاقية المنوي تحقيقها. وقد اكتسبت المفاوضات الممهدة للتعاقد اليوم أهمية كبرى بالنظر إلى ضخامة وتقنية العقود المجراة بصدد المشاريع الكبرى وحتى المتوسطة وكذلك العقود التمهيدية والاتفاقات المبدئية. وإذا كان المشرع قد وضع للأعمال غير المباحة نصوصاً مقتضبة وهي الأعمال التي تقوم عليها نظم المسؤوية، فإنه جاء بسلسلة طويلة من نصوص نظم بها العقد في إنشائه وإبطاله وتنفيذه وإنهائه. وبالرغم من هذه السلسلة فقد بقيت تفصيلات ودقائق لم يعرض لها ولم يكن له أن يحيط بكل ما يطرأ على واقع الناس وتعاملهم من مشاكل. فترك للقاضي أن يعمل فكره فيما يطرأ ليجد الحل له. فخلق القضاء اجتهاداً كان منطلقاً لمبادئ تفسر النص أو تكلمه دون أن تخرج عنه في مبناه أو تشوهه في معناه. من هنا تأتي هذه الدراسة للنظام القانوني للعقد الذي يتضمن تباعاً دراسة؛ معناه وخصائصه، تقسيماته وأركانه، وآراثاره وأسباب انحلاله.نبذة المؤلف:بعد عدة سنوات من تدريس مادة القانون المدني بشقيها النظري والعملي أحببت هذه المادة بصدق وبشغف وقررت أن أكتب فيها فكان هذا المؤلف المتواضع تواضع سنوات خبرتي.
تنقلت كما النحلة من كتاب إلى آخر وكانت الحصيلة ما وضعته بين أيديكن كتاب أسميته "دروس في القانون المدني" عالجت فيه بعض من النظرية العامة للموجبات بأسلوب تميز بالبساطة والوضوح شكلاً ومضموناً.
لا أدعي بأنني لامست النجون أو عانقت السماء ولا أدعي بأنني تفوقت على من كتب من النظرية العامة للموجبات وكلهم أساتذة كبار أحترم وأجل لا بل أعترف بكل صدق وأمانة بأنني تأثرت واستفدت كثيراً مما كتبه الآخرون.
وترجمت هذه الفائدة عملياً من خلال وضع هذا المؤلف الذي عالجت فيه تباعاً وفي ثلاثة أجزاء نظرية الموجبات في القانون اللبناني والتشريع المقارن، فبحثت في مركز نظرية العامة للموجبات، وأهميتها من الناحية العملية والعلمية وفي أنواع الموجبات وفي مصادر الموجبات وشروط صحتها.
وسعيت من خلال التقسيم الذي اعتمدته إلى تمكين القارئ من الإحاطة بالنظرية العامة للموجبات بكل أبعادها.
فخصصت الجزء الأول: للنظرية العامة للموجبات -تعريف الموجب وبيان أنواعه- مصادر الموجبات: القانون -الكسب غير المشروع- العمل القانوني المنفرد. والجزء الثاني: للعقد. والجزء الثالث: للأعمال غير المباحة (المسؤولية المدنية).
أيها الباحث في القانون المدني طالباً أو محامياً أو قاضياً أضع أمامك هذا المرجع الغني بالآراء الفقهية والاجتهادات القضائية اللبنانية والفرنسية القديم منها والحديث على حد سواء. وعسى أن تجد فيه ما يساعدك على سبر غور النظرية العامة للموجبات بكل تشعباتها وبكل ما تطرحه من أسئلة راجية من الله تعالى أن أحصد نتيجة ما سعيت إليه وأن أقدم ما يروي ولو قليلاً ظمأ كل متعطش لمعرفة بعض من جوانب النظرية العامة للموجبات. إقرأ المزيد