نحو رؤية وطنية لتعزيز الديمقراطية في مصر
(0)    
المرتبة: 184,716
تاريخ النشر: 20/09/2007
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:يضم هذا الكتاب بين دفتيه بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي عقدت في مدينة الإسماعيلية المصرية، بدعوة من مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، وقد هدفت هذه الندوة كما يتضح من اسمها إلى تنمية رؤية وطنية جامعة لمستقبل الديمقراطية في مصر، وذلك إيماناً من الجهة المنظمة بأن نقطة البدء الصحيحة ...لإقامة نظام ديمقراطي في أي دولة عربية يجب أن تتمثل في خلق حالة من التوافق العام بين التيارات والقوى السياسية والفكرية المختلفة داخل كل دولة حول أولويات العمل الديمقراطي وآليات تطبيقها خروجاً برؤية مشتركة تبلور مساحة الاتفاق وتبلور القواسم المشتركة بين تلك التيارات حول مفهومها ورؤيتها الديمقراطية أملاً في الوصول إلى مرحلة النضال الديمقراطي المشترك وما يمكن أن يتحقق معه من مكاسب، ولا تبدو هذه المهمة سهلة لأن ما يفرق القوى السياسية المصرية أكثر بكثير مما يجمعها، وهذا ما ذهب إليه الدكتور محمد السيد سعيد في تقديمه أعمال هذه الندوة، حين أكد حقيقية ما كان يسببه السعي لتعريف مشترك للديمقراطية من صدام، وما كان يستدعيه من جهود وجهاد، مشيراً إلى ما شهدته مصر في السنوات الماضية من جهود كبيرة في هذا الصدد تمثلت في مبادرات كثيرة وحوارات ممتدة عقدت للتوصل إلى مفهوم مشترك للسياسة الوطنية ومفهوم مشترك للديمقراطية بين التيارات الفكرية والسياسية المصرية الكبرى يؤمن انتقالاً ديمقراطياً ناجعاً وناجزاً وآمناً، مؤكداً في الوقت ذاته أنه إذا تم إنجاز هذا المفهوم المشترك في مصر، سيكون من الأيسر إنجازه أيضاً في بقية الدول العربية.
ولعل هذا أيضاً عين ما ذهب إليه الدكتور علي خليفة الكواري في كلمته الافتتاحية حين أشار إلى أن هذه الندوة سوف يليها ندوات مماثلة في الكويت والجزائر والمغرب كلها تهدف إلى إجراء حوار وطني يؤدي إلى تنمية فهم مشترك أفضل بين القوى التي تنشد التغيير في كل دولة عربية، وبينها وبين السلطة أيضاً من أجل تعزيز المساعي الديمقراطية في تلك الدولة وتعزيز فرص الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية مستقرة يتم فيها تداول السلطة سليماً من دون خشية من استحواذ، أو خطر من إقصاء.
في تقديمه لأعمال هذا الكتاب أشار الدكتور مصطفى كامل السيد أن القوى السياسية الفاعلة في مصر لم تستقر بعد أن استراتيجية للوصول إلى الأوضاع الأكثر ديمقراطية، بل لا يبدو أنها راغبة في مواجهة بعض القضايا الشائكة على طريق الانتقال إلى هذه الأوضاع، مؤكداً ضرورة التمييز بين مستقبل النظام السياسي في مصر في الأجل القصير، ومصيره في الأجل الطويل.
ولم يهمل مصطفى كامل السيد دور الطبقة المتوسطة في مصر في إحداث التحول الديمقراطي، نظراً لما قامت به هذه الطبقة خلال السنوات الأخيرة من قيادة حركات الاحتجاج السياسي، مؤكداً أن هذه الحركات مرشحة لأن تستمر في المستقبل بحكم عدم التحسن في أوضاع معظم شرائح هذه الطبقة اقتصادياً، وكذلك بحكم قلة استجابة نظام الحكم لمطالب حركات الاحتجاج هذه باحترام الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين من خلال القيام بإصلاح سياسي جاد.
ويرى مصطفى السيد أن مستقبل التطور السياسي في مصر، سواء باتجاه الديمقراطية أو باتجاه مزيد من الاستبداد، رهن بحصيلة التفاعل في المستقبل داخل صفوف الطبقة المتوسطة، هل ستنجح الفصائل المعبرة عنها في أن تلتقي حول تصور مشترك لطبيعة النظام السياسي الذي تتطلع إليه؟ وهل تنجح في تعبئة المواطنين وراء مشروعها المشترك؟ أو هل ينجح فصيل واحد منها في تعبئة المواطنين تعبئة فاعلة وراء تنقله ومشروعه إلى مواقع السلطة والتوجيه في المجتمع, وما هي طبيعة المشروع الذي سترفعه هذه القوى أو هذا الفصيل؟
في الفصل الأول من هذا الكتاب عرضت الدكتورة ثناء فؤاد عبد الله الرؤية المستقبلية الواردة في دراسة لها بعنوان مستقبل الديمقراطية في مصر كانت قد أعدتها لمشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، بهدف استشراف مستقبل عملية التحول السياسي في مصر، وأكدث ثناء عبد الله أن دراستها هذه استندت إلى ثلاث ركائز: أولاها النظر إلى التحول الديمقراطي في مصر باعتباره "عملية" تأتي حصيلة تضافر عوامل وعناصر متعددة مادية وثقافية، داخلية وخارجية ذاتية وموضوعية، يمكن أن يؤدي في مرحلة ما من تطورها إلى نقلة نوعية في الحياة السياسية لتجعل النظام السياسي في مصر يصل إلى حالة ديمقراطية، وثانيتها هو أنه إذا كان هناك خصوصية معينة لدراسة الديمقراطية المصرية فإن هذه الخصوصية لا تنفصل عن أزمة الديمقراطية في المحيط العربي، مؤكدة في هذا الصدد أنه لا ديمقراطية في الواقع العربي في "الدولة" التي تعتمد في بقائها واستمرارها ليس على الرضا الشعبي كمصدر للشرعية، ولكن على سيادة ثقافة الخوف من السلطة والسلطان. وثالثة: هذه الركائز هي أن المشروع الديمقراطي المصري يرتكز على رصيد له اعتباره في المجال السياسي فكراً وممارسة.
واختتمت ثناء عبد الله دراستها بإثارة مجموعة من التساؤلات أهمها: ماذا عن الضغط الشعبي المتوقع لفرض التغيير الديمقراطي؟ وهل من توقعات بقيام حزب جديد مناظر للحزب الوطني الحاكم؟ وهل تظل الديمقراطية المصرية تتلقى الإصلاح من أعلى؟ وهل يتعين الانتظار حتى يمتلك النظام السياسي المصري شروط التغيير الديمقراطي؟
حظيت هذه الدراسة بتعقيبات عدة من معظم المشاركين، فقدم سيف الدين عبد الفتاح تعقيباً على المنهج العلمي المتبع في إعداد الدراسة، وانتقل عبد الغفار شكر بالمناقشة إلى المستوى السياسي، مؤكداً أن الأسئلة الخمسة التي انتهت إليها ثناء عبد الله تطرح علينا خصوصية اللحظة الراهنة في المشهد الديمقراطي المصري وتعكس حقائق كبرى تمثل معضلة التطور الديمقراطي في مصر الآن.
وفي حين أكد عصام العريان اختلافه مع صاحبه الدراسة في ما قالته بأن بداية الإصلاح في مصر يجب أن تكون بإعداد دستور جديد.
كما حظيت هذه الدراسة بتعقيبات عدد من المشاركين مثل عمرو الشوبكي ومحمد السعيد إدريس وأمين إسكندر وفريدة النقاش وعبد المنعم أبو الفتوح وجمال سلطان وناجي الغطريفي وحسين عبد الرازق وعصام الإسلامبولي وإبراهيم البيومي غانم.
في الفصل الثاني من الكتاب يؤكد عبد الغفار شكر أن قضية الموقف من الديمقراطية اكتسبت أهمية خاصة لدى الاشتراكيين المصريين في الفترة الأخيرة لاعتبارات عديدة: منها الدروس المستفادة من انهيار البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي ودول شرق أوروبا، وفشل عملية التنمية المستقلة في مصر وبلدان العالم الثالث نتيجة افتقاد الديمقراطية، وتطور النظرة إلى الاشتراكية باعتبارها عملية تاريخية طويلة الأمد من أجل بناء مجتمع يستطيع الناس فيه تنظيم أمورهم بصورة ديمقراطية وبطريقة عقلانية، وضرورة أن تقتنع الجماهير أن المجتمع الذي يدعو إلى الاشتراكية سيحقق لهم حياة أفضل.
وفي الفصل الثالث من الكتاب حين شبه أهمية الديمقراطية للحركة الناصرية بأهمية الدواء بالنسبة إلى العليل، ذلك لأن ظروف نشأة الحركة الناصرية قد جعلتها في أشد الحاجة إلى تفاعل ديمقراطي واسع داخل صفوفها، بعد أن عانت كثيراً من ممارسات خاطئة مثل تجاوزات دولة الحكم الناصري في بعض من حقوق الإنسان، مشدداً على أن قضية الديمقراطية وتداول السلطة وحق التنظيم السياسي والنقابي وحرية تداول المعلومات وحرية إصدار الصحف... الخ.
وفي معرض حديثه في الفصل الرابع من الكتاب عن رؤية التيار الليبرالي لمستقبل الديمقراطية في مصر أشار السفير ناجي الغطريفي إلى أن الدستور المصري الحالي بأسسه الشمولية وعقيدته الاشتراكية قد أضحى مفارقاً لواقع المرحلة، فأحكامه تنظم أوضاع لم يعد لها وجود في حياتنا السياسية، ويتوجه إلى مجتمع قد تبدلت معالمه، ويستند إلى قوى تباينت مواقعها ونمط العلاقة في ما بينها.
في الفصل الخامس يعرض عصام العريان رؤية التيار الإسلامي لمستقبل الديمقراطية في مصر، مؤكداً في البداية أن التيار الإسلامي ليس طيفاً وحيداً بل يضم العديد من الاتجاهات التي تتنوع مواقفها من العملية السياسية أصلاً ثم من الديمقراطية كنظام سياسي أو ثقافة سياسية أو آليات في الممارسة، وانطلاقاً من هذا التوضيح يؤكد العريان أن للإخوان المسلمين موقفاً واضحاً من أسس الديمقراطية، يختلف عن مواقف الفصائل الإسلامية الأخرى.
يتضمن الفصل الأخير من هذا الكتاب وثيقة بعنوان "نحو مفهوم مصري للديمقراطية" نجح الدكتور محمد السيد سعيد في صياغتها بناء على الأوراق المقدمة والمناقشات والمداولات الثرية التي تمت طيلة أيام الندوة، ولعل هذه الوثيقة جسدت الهدف الحقيقي للندوة، وهو البحث عن القواسم المشتركة بين جميع التيارات السياسية والفكرية المصرية في رؤيتها للديمقراطية، سواء كمفهوم ومبادئ أو كآليات وممارسة. إقرأ المزيد