تاريخ النشر: 14/09/2007
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:بعدما تناولت في عددها الفائت تجربة الراحل صلاح عبد الصبور "المظلوم" بسبب إقصائه عن دائرة التكريس، تحتار نقد تجربة محمود درويش "المظلوم"، لكن بسبب إقامته في هذه الدائرة تحديداً.
ففي تجربة درويش تم إنصاف الشاعر على حساب شعره، تم تقديم الشخص على القصيدة. على الدوام كان الانتصار لدرويش الفلسطيني على ...درويش الشاعر. على الدوام كانت القضية هي الطريق الإجباري لامتداح الشعرية. تقريباً، درويش لم يقرأن بل ترجم... وضمن اللغة الواحدة.
كان ثمة "خيانة" (والإيطاليون يقولون: "الترجمة خيانة") في سلوك القصائد مجاري كسفت الجانب الفني فيها. كان ثمة بخس "كرنفالي" للفن في سبيل الأيديولوجيا. لكن درويش لم تنطل عليه هذه "الخدعة" الموقتة، بالرغم من ثنائية البنفسج -القذيفة التي ملأت قصائده، وبالرغم من حيرة بعض نصوصه بين مطلع غنائي بديع وختام مباشر وتكراري.
شعرية محمود درويش ذات المزاج التقريري في أعماله الأولى، استطاعت الإشراق بأجمل مطالع الشعر العربي الحديث ("سرحان سوف يكون"، "شتاء ريتا"...)، مثلما استطاعت اختراع قاموس تركيبي اغتذت منه الأجيال اللاحقة. بالطبع، استفاد درويش من تقنية السرد القرآني (رجع مطلع قصيدة "سنخرج" مثلاً)، وتقنيات الأغنية الشعبية (الأهزوجة تحديداً)، و"نشيد الأناشيد"... لكن قدرة هذا الشاعر على إجراء كل شيء في فلك غنائيته الاستثنائية، جعل من ذلك تفاصيل. لذا، يكون تحديد تقنيات في شعر درويش كالقول: لعبه الأثير بالضمائر (أنا، أنت، هو)، أو تذويبه التساؤل الفلسفي في البنية الشعرية ("هل كان أول قاتل -قابيل- يعرف أن نوم أخيه موت؟")، أو حرصه على قيام توازن سيكولوجي في الموسيقى (على سبيل المثال، قصيدة "الكمنجات" في "أحمد عشر كوكباً" التي تبرز التجانس الموسيقي بين "فاعلن" وصوت عزف الكمنجا)، أو "الغموض البليغ"... نقول إن تحديد تقنيات هذا الشاعر بواحد واثنين وثلاثة لا يخدم الباحث كثيراً في القبض على "سر المصلحة" في شعره.
بالشعر، استطاع درويش تحويل قصة النزوح من فلسطين إلى قصة شبيهة بقصة الطرد من الجنة: فلسطين هي الجنة، والفلسطيني هو آدم، والزيتون هو التفاح. إقرأ المزيد