تاريخ النشر: 01/01/1980
الناشر: المكتبة الثقافية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"وتوالت السنون والقرون فكانت تلك الدكان عند باب الدير لا يشتغل فيها غير أعقاب داغوبير، فكانوا مع الرهبان على أتمّ خير وسلام. أما داغوبير هذا الذي بقي من تلك العائلة في عهد هذه الرواية فكان يدعى جان داغوبير. وقد كان في مقتبل الشباب. ولم يبق من تلك العائلة سواه، ...ومع ذلك فإنه كان لا يزال عازباً، إما لخوفه من الزواج، وإما لأنه لم يجد بعد من تشاركه في هذا القيد. ولقد قلنا أن الرهبان كانوا يصلون صلاة الفجر وداغوبير يقرع السندان بمطرقته فيوقظ الأطيار من سباتها لأن الفجر لم يكن قد انبثق بعد. وفيما هو كذلك سمع وقع حوافر جواد، فذهل لقدوم هذا الجواد بمثل هذه الساعة، وترك مطرقته، وقام إلى الباب ليرى من القادم فرأى فارساً ينهب الأرض بجواده وهو قادم من جهة سولي فقال في نفسه، لا شك أن هذا الفارس من البلاء وهو ذاهب إلى قرية سانت البير لحضور حفلة العيد. غير أن هذا الفارس لم يتجاوز الدير، فإنه حين وصل إلى دكانه أوقف الجواد ونادى داغوبير فقال له: أهنا الدير الذي يدعونه دير أبناء الله، أيها الصديق؟ نعم يا سيدي. ألا يزال الأب جيروم رئيسه؟ نعم. وكان أمام هذا الفارس على الجواد فتاة صغيرة فحملها بين يديه وترجل عن الجواد وهو ينظر إلى الفتاة نظرة حنو وإشفاق، ثم دخل بها إلى دكان الحداد دون أن يهتم بجواده، ووضع الفتاة برفق قرب الناء فإن البرد كان شديداً قارصاً: وكانت الفتاة زرقاء العينين بارعة الجمال شقراء الشعر، فجعل داغوبير ينظر إليها معجباً بهذا الجمال الملائكي. أما الفارس فقد كانت علائم الاضطراب بادية بين عينيه فالتفت إلى داغوبير وقال له: أرجوك أيها الصديق أن تقرب باب الدير إذ يجب أن أقابل الأدب جيروم في الحال. فقال له داغوبير: إني لو قرعت الباب ساعة لما فتحوه. لماذا؟ لأن الرهبان منشغلون الآن بصلاة الفجر ونظام الدير لا يأذن بفتح الباب قبل انتهائها. فأجابه بلهجة الجازع: ولكن لا بد من مقابلة الرئيس. يستحيل ذلك يا سيدي قبل انتهاء الصلاة وهي لا تنتهي إلا حين شروق الشمس فيفتح الباب. فتنهد الفارس وقال: وأنا يستحيل عليّ الصبر وأسفاه، إذ يجب أن أكون عند شروق الشمس بعيداً عن هذا المكان".
وهكذا لم يكن باستطاعة الفارس الذي كان من النبلاء كما دلت على ذلك ملابسه، لم يكن باستطاعته الوصول إلى الأب جيروم لتسليمه تلك الفتاة... والتي أحاطها الروائي بالأسرار، وقد وكل ذلك الفارس أمر تسليمها إلى داغوبير الذي أعطاه عهداً على حمايتها من كل مكروه في تلك الفترة من فترات الاضطرابات التي كانت تجتاح فرنسا قبل الثورة التي اندلعت فيها، واعداً الفارس بأنه سيحميها كما يحمي الأب ابنته في مواقف الشدائد ويزود عنها كل مكروه من قبل الشعب إذ أنه من الشعب. ومن قدره قام الفارس بتسليمه خاتماً كان يضعه في إصبعه، ومحفظة كانت في جيبه. وأما الخاتم فقد كان منقوشاً عليه شعار النبلاء، وأما المحفظة فقد كانت محشوة بالأوراق المالية، ليقول له بأنه وعند رؤية الأب جيروم للشعار على الخاتم سيعرف من هو ذاك الفارس ومن تكون تلك الفتاة. وتمضي السرديات مشوقة لتأخذ القارئ لمعرفة كنه تلك الفتاة متلمساً فترة تاريخية من فترات أوروبا الحاشدة بالأحداث التي آذنت بوقوع الثورة الفرنسية. وذلك من خلال أسلوب سلس دينية روائية تشد القارئ إلى حدّ كبير. إقرأ المزيد