الصراع الدولي حول المشرق العربي - ج1
(0)    
المرتبة: 95,233
الناشر: دار النشر للسياسة والتاريخ
نبذة نيل وفرات:تعددت المؤلفات والدراسات حول بلدان المشرق العربي حتى بات ما يصدر منها كل سنة، في شتّى حقول السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، الشىء الكثير. واهتمام الرأي العام الدولي بهذه المنطقة المهمة على طرق المواصلات بين القارات الثلاث ليس مردّه فقط للأزمات السياسية التي تعصف فيها منذ قرنين ونيف، أو لأهميتها ...التجارية والاقتصادية، وللثروات الضخمة التي تختزنها، أو لكونها المصدر الرئيسي للطاقة التي تحتاج إليها اليوم ومستقبلاً بلدان العالم المصنّع، وإنما أيضاً لتيار الانبعاث الجديد الذي بدأ يهبّ على شعوب هذه المنطقة ويخرجها من حقبات الماضي المظلمة إلى مدارج القرن العشرين، وما تستطيع شعوبها أن تحقق من آمال وطموحات فيما لو أحسنت قيادتها واستغلّت ثرواتها الهائلة، بالحكمة والوعي والروح البنّاءة.
لقد عرف الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء دولة إسرائيل على هذا الشكل من التحدي الذي أقيمت فيه، تطوراً متصاعداً لم يعرفه خلال قرون طويلة من تاريخه. وهكذا يبدو لأهل الفكر والسياسة أن المسألة الشرقية التي خال للدول الكبرى أنها انتهت بانتهاء الحرب العالمية الأولى، قد عادت إلى حلبة السياسة الدولية بوجه جديد، وبمعطيات جديدة، وإذا بها تبدو على صفحات التاريخ الحديث فادحة الخطورة، بتحركها السريع وتفاعلها الشامل، ليس فقط مع شعوب منطقة الشرق الأوسط، وإنما أيضاً مع أبناء العروبة أينما كانوا.
ولكن النشاط الإعلامي في مجال عرض قضية الشرق الأوسط يتميز بعدم التوازن في الإنتاج، إذ أن ما يصدر من أبحاث ومؤلفات عن هذه القضية باللغات الأجنبية في حواضر الغرب يكاد يكون أضعاف ما يصدر عنها باللغة العربية، وأقل بالكثير الكثير مما يصدر بشأنها من رجال الفكر بالنسبة لأقرانهم من أهل الغرب. وقد رأى الباحثان "منير إسماعيل" أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية و"عادل إسماعيل" سفير لبنان ومندوب دائم لدى منظمة الأمم المتحدة في باريس، في هذا المعترك الفكري الكبير، أن يسهما بالقدر الممكن تجاه أبناء العالم العربي، بإبراز مفاهيم الفكر الغربي من قضايا الشرق الأوسط وأوضاعه وأزماته، ليطلع رجال الفكر وأهل السياسة والدبلوماسية العرب، والقارئ العربي بوجه عام، على معطيات السياسة الدولية وخفاياها من قضاياهم كما رسمها أربابها في الماضي، والتي يسير على آثارها رجال السياسة الغربيون اليوم، وليدركوا أسس تلك السياسة ومقاصدها ومتاهاتها.
وهل من مادة أصدق لإبراز تلك السياسة من ترجمة التقارير السرية وغير السرية التي وضعها سفراء الدول الكبرى المعتمدون في دار السلطنة العثمانية، وقناصلها المنتشرون عيوناً متفتحة وآذاناً منصتة لبلدانهم في حواضر الشرقين الأدنى والأوسط، وكذلك تعليمات وزراء خارجية تلك الدول الكبرى إلى سفرائهم وقناصلهم حول شؤون الشرق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولذا عمد الباحثان إلى ترجمة تلك التقارير من لغتها الأصلية إلى العربية لتكون بين أيدي المثقّفين العرب من أهل السياسة والفكر والاقتصاد، مادة للتفكير وعبرة من الماضي لفهم كنه ما يجري الآن من أحداث، وما قد تتطور إليه قضاياهم في المستقبل، وقد أصبحت جزءاً من الصراع الدولي والحجر الرئيسي في لعبة الأمم. والوثائق الدبلوماسية التي يحتوي هذا الكتاب الذي بين أيدينا جزءاً منها؛ هي إسهام إيجابي في إبراز معالم السياسة الدولية تجاه بلدان المشرق العربي منذ القرن السابع عشر حتى تاريخ إصدار هذه الطبعة.
وتعميماً للفائدة ارتأى الباحثان خلافاً للطريقة التي اتبعاها في نشر الوثائق بلغتها الأصلية، حسب الطريقة التي اتبعت في دور المحفوظات الأوروبية والتي تقوم على التسلسل التاريخي من الأخذ بعين الاعتبار مادة الوثيقة وموضوعها، أن تكون أجزاء الترجمة العربية موزعة حسب موضوعات الوثائق. وهذا ما فعله الباحثان في السلسلة المقابلة المترجمة والتي جاءت بعنوان "الصراع الدولي حول المشرق العربي". وهذه السلسلة الأخيرة تتألف من سبعة أقسام لكل منها موضوع خاص، يشكل حسب أهمية الوثائق فيه وعددها، جزئين أو عدة أجزاء. وهذا الكتاب الذي نقلب صفحاته هو الجزء الأول من هذه السلسلة ويحتوي على جميع الوثائق المتعلقة بعهد الولاة في الدولة العثمانية، وهو يغطي الفترة الممتدة من (1771-1876). وإتماماً للفائدة المبتغاة من هذا الكتاب، فقد وضع الباحثان فيه مجموعة من الملاحق الضرورية التي تساعد الباحث أو القارئ على فهم الأحداث، والنصوص الواردة في أجزاء السلسلة، فخصص الملحق الأول على سبيل المثال، بجدول زمني يؤرخ لأبرز الأحداث التي مرت ببلدان المشرق العربي منذ الألف الثالث قبل الميلاد إلى سنة 1987، كما وضعا جداول أخرى بأرباب السلطة في الإمبراطورية العثمانية لتسهل معرفتهم حين تشير الوثائق إليهم دون تسميتهم، وأرفقا هذه الملاحق بمجموعة من الفهارس العامة بالموضوعات التي عولجت في كل جزء من أجزاء هذه السلسلة، وبأسماء الأعلام والأمكنة الجغرافية فيها. إقرأ المزيد