ديوان أبي الفتح البستي - النسخة الكاملة
(0)    
المرتبة: 35,530
تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: دار الينابيع، دار تموز ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:البستي هو: أبو الفتح علي بن محمد بن محمد بن عبد العزيز الكاتب البستي الشافعي، أخباره قليلة، بل إن مصادرها غير وافية، بسبب من أنها التزمت منهج التقريض، دون منهج البحث في أخباره تاريخياً. وأقدم أخباره هي التي تذكر أنه كان في عنفوان شبابه، كاتباً صاحب بست، فلما فتحها ...الأمير ناصر الدولة أبو منصور سبكتكين، دل هذا الأمير على أبي الفتح إذ كان محتاجاً إلى مثله في آلته وكفايته ومعرفته، وهدايته وحنكته ودرايته.
ولكن أبا الفتح سرعان ما استأذن الأمير سبكتكين للاعتزال إلى بعض أطراف مملكته، بسبب من إحساسه بأن بعض أعوان باي توز "يوون ألسنتهم بالقدح في، والجرح لموضع الثقة بي. ففهم الأمير سبكتكين إخلاص أبي الفتح، وما قد يفعله الحساد، فأذن له بالاعتزال، إلى أن يستتب الأمر له فيستدعيه، وأشار عليه بأن يستجم في (الرخج)، وحكمه في أرضها يتبوأ منها حيث يشاء. فتوجه أبو الفتح نحوها فارغ البال، راغد العيش، لمدة ستة أشهر، حتى تم استدعاؤه بتبجيل وتأميل، فحظي بما حظي في حضرته، وكتب للأمير سبكتكين الكثير من مناقبه وفتوحاته ومناقبه.
تحدثنا أخباره أيضاً بأن حالته هذه استمرت رضية حتى زمن السلطان يمين الدولة وأمين الملة محمود بن سبكتكين، إذ بقي كاتباً له بعد وفاة أبيه، وكتب له عدة فتوح إلى أن زحزحه القضاء عن خدمته، ونبذة إلى ديار الترك، عن غير قصده وإرادته. وذلك في رأينا، متأت من أن أيادي حاسدة كثيرة مدت أصابعها شغباً بين السلطان محمود وبين أبي الفتح. ومن أخباره كذلك أنه كان من ندماء الأمير خلف بن أحمد، وصديقاً لبلديه أبي سليمان الخطابي، والأديب الشهير أبي منصور الثعالبي.
وإلى جانب شهرة أبي الفتح البستي شاعراً، فقد كان ناثراً مجوداً، وكاتباً خطيراً، شهد له بذلك عدد من الذين ترجموا له، وزاد الثعالبي في كتابه "ثمار القلوب" بأن ذكر بأن للبستي كتاباً نثرياً بعنوان: الفصول القيصار. كما كان من حفاظ الحديث ورواته، فقد ذكر السبكي في طبقات الشافعية الكبرى وصاحب النجوم الزاهرة: أنه سمع الكثير من أبي حاتم بن حيان، وروى عنه الحاكم، وأبو عثمان الصابوني، والحسين بن علي البردعي. وقد ورد نيسابور أكثر من مرة، وأفاد منه جماعة، حتى أقروا له بالفضل.
يمثل شعر أبي الفتح البستي قمة من قمم شعرنا العربي في بلاد فارس في القرن الرابع الهجري، ويختصر كل ما يمكن أن يقال عن الشعر العربي في تلك البلاد، في تلك الفترة، فقد أشاد بجودة شعره كل من ترجم له، أو ذكر له بعض المقطعات، واعترفوا بأستاذيته. ومن هنا تأتي أهمية إخراج شعره كاملاً إلى الوجود، ليلقي المزيد من الضوء والوضوح على الشعر العربي في بلاد فارس، وعلى الحياة، بشتى نواحيها، في تلك الأصقاع.
وقد أخبرتنا المصادر التاريخية بأن القرن الرابع الهجري امتاز بنضج الحياة الاجتماعية، من خلال إطلاع الأمم على الحضارات الأخر، بنتيجة نضج الحياة السياسية، وكثرة الفتوحات، وما استتبع ذلك من ازدهار اقتصادي ورخاء. وبدلت غالبية الناس تميل إلى حياة المدينة، وتتأطر بأطر استقرارها وأغراض المعيشة الجديدة. فتغيرت مفاهيم كثيرة، واستجدت أغراض لم تكن معروفة من قبل.
وأول مانجده في شعر أبي الفتح البستي، ونتيجة ظروف القرن الرابع الهجري التي أشرنا إليها، هو التبسط في اللغة الشعرية، الذي تفرضه حياة التحضر، حياة تعدد اللغات. وكذلك وضوح كتابة الشعر بالأبيات المفردة والمقطعات، بسبب من انتشار معالجة موضوعات حضرية لا يستوجب معالجتها فنياً، سوى بيت، أو عدة أبيات. وكذلك يمكننا أن نلحظ بأن أبا الفتح عمد إلى استعمال المحسنات اللفظية في شعره، من جناس وطباق، تمشياً على أن شاع في عصره نتيجة الاستقرار والرخاء.
ونستطيع بعد ذلك، أن نحدد الأغراض التي تناولها شعر البستي بما يلي التكثر بالفضائل، وحب العلم والعلماء، والترفع عن الجهل والجهلة ونواقص الأمور. الشكوى من اضطهاده، بسبب تعرضه إلى الكثير من الحسد، الذي أثر عليه، وتسبب في تشريده. الحكمة، وذلك دليل على عظم تجربته، وخوضه في مجالات كثيرة، المديح، لعرض تفريق همومه، وما أصابه في دنياه، الإخوانيات، والرسائل الشعرية، التي تمليها ضرورات المجاملة. وصف أنواع من النماذج البشرية، كالطفيليين، والثقلاء والأكلة، أما بالنسبة للغزل، فإننا نرى أنه لم يكن من الأغراض البارزة في شعر أبي الفتح البستي، فشاعرنا من أفاضل الناس الحكيمة والرزينة، التي شغلتها أمور السياسية فترة طويلة من العمر، ثم أكسبتها خبرتها بالدنيا الحكمة والترفع عما يمارسه المأخوذون. وإذا كنا قد وجدنا في ديوانه بعض المق
عات الغزلية، فإنما ذلك، في رأينا، جاء بدافع من مجاراة الإخوان والتسابق لاستحداث أجمل الصور الشعرية.
في سنة 1294هـ صدر في بيروت، وعن مطبعة الفنون، ديوان صغير، ضم نزار يسيراً من شعر أبي الفتح البستي، وهي طبعة نادرة الوجود الآن، لقدم سنة طبعها إلى جانب أنها لا تعدو أن تكون مختارات من شعره، ربما هي التي اختارها الثعالبي في كتاب سماه "الطرف من شعر البستي".
فكان أن قامت الحاجة إلى النسخة الكاملة لهذا الديوان في مجتمعنا الأدبي العربي، لتوضح الصورة الحقيقية المتكاملة لعصر الشاعر الأدبي، ولتخدم المحققين، ليعارضوا ما في أعمالهم التحقيقية، بما يقابلها من شعر في ديوانه.
وبين يدينا نسخة محققة لهذا الديوان حيث اتخذ المحقق أحمد الثالث نسخة الأصل في عمله بالنسبة للشعر المتوفر في النسخ الثلاث، لأنها قديمة وخزائنية ومقابلة، ولذا فقد أثبت كل ما ورد فيها في النص وأنزل اختلافات النسختين عنه إلى الهامش، إلا ما رأى أنه الأصوب في أي منهما.
إلى جانب ذلك، فقد جمع للبستي أشعاراً وفيرة من كتب التراث لا وجود لها في النسخ الثلاث فرتبها على حروف المعجم، وثبت القوافي على أساس الحركات: الضم فالفتح فالكسر فالسكون، وجعل ذيلاً على الديوان. إقرأ المزيد