تاريخ النشر: 01/09/2006
الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات
نبذة نيل وفرات:المهدية في الفكر الشيعي جزء من نظرية الإمامة الشيعية وفصل من فصولها. ولكن الظروف التي استقلت بها بعد وفاة الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام في سنة مائتين وستين للهجرة، جعلت منها حادثاً فريداً في تاريخ النظرية نفسها. ففي السنين السبعين التي يسميها مؤرخو الشيعة بالغيبة الأولى أو ...الصغرى، حدثت تطورات كثيرة في الحركة الشيعية. فعلى الصعيد الفكرية توجت المهدية نظرية الإمامة الشيعية، وقام البناء النظري بها متكاملاً رصيناً، ظل إلى اليوم على شكله الذي استقر به قبل أحد عشر قرناً لم يجرؤ أحد على التزيد فيه قليلاً أو كثيراً.
ومن الأهمية، دراسة الظروف التاريخية التي ظهر فيها هذا التطور الجديد، وأحاط بتكوينه، والنتائج التي تركها على الحركة الشيعية بعد انتقالها من مرحلة الدعوة إلى الإمام المستعلن، إلى مرحلة الدعوة إلى الإمام المستخفي. وعلى الصعيد السياسي كانت المهدية أحسن الطروحات التي قدمتها الفرق الإسلامية في ذلك الوقت للإصلاح الديني والاجتماعي. فما دام الإمام موجوداً، فهو وحده الكفء للإدارة السياسية وقيادة المجتمع، وهو معقد آمال المسلمين ووجهة طموحهم، وفي غيبته يكون العلماء الفقهاء نوابه في الكفاءة والطموح وعلى المسلمين الرجوع إليهم والأخذ عنهم. وبسبب ترابط المشاكل الدينية والاجتماعي في الأسباب والمسببات، أو هما مشكلة واحدة في واقع الحال، فمسؤولية العلماء الفقهاء لا تقتصر على المسائل الدينية وحدها.
فدورهم عام شامل في مجتمع تقوم كل "فوقياته" على قواعد تشريعية إسلامية. ثم ساعد على أهمية هذا الطرح، ظهور الرأي في الفقه الشيعي في تلك الفترة بالذات أو الاجتهاد في استنباط أحكامه، مما أكسب الحركة الشيعية روح التجديد والمعاصرة واستيعاب الظروف المتقلبة، في وقت طويت صفحته وختم على بابه عند سواهم.
ولكن الملاحظ أن هذه النتائج ظهرت في فترة قصيرة جداً بالقياس إلى خطورتها وعمقها، مع أن الحركة الشيعية فيها كانت تعاني من صدمات فكرية مضادة كثيرة، وانقسامات ذاتية متلاحقة هزت كيانها هزاً كان من الممكن أن يأتي عليها وينهي وجودها، ولولا أن لله تعالى في مسار التاريخ علماً سابقاً وقدراً نافذاً.
هذه التطورات الكثيرة التي تبلورت في ظروف تاريخية معقدة، تحتاج في كل وقت إلى دراسات جديدة وعميقة، تكشف عن تاريخ الحركة الشيعية، ومدى تفاعلها بعقيدة المهدي، والآثار التي تركتها على مسارات الحركة في عمرها الطويل، وتكشف أيضاً عن صفحات من الكفاح الشاق المضني صنعه رجال مؤمنون نذكرهم دائماً بالتضحية والبطولة. ولأن فترة الغيبة الصغرى أزخر الفترات بالتطورات الفكرية والسياسية في تاريخ الحركة الشيعية فقد اختارها إبراهيم الشبوط لهذا البحث الموجز. إقرأ المزيد