لكع بن لكع ؛ ثلاث جلسات أمام صندوق العجب
(0)    
المرتبة: 14,383
تاريخ النشر: 01/09/2006
الناشر: دار الشروق للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"لا مسرح ولا من يتعبون. بل جمهور من أهل الحارة، ونحن من أهلها، يجتمعون لقضاء أمسية أسطورية مع صندوق العجب. ونكون مؤهلين لضرب الماضي بالحاضر والخلف بالسلف والحابل بالنابل. فقد قيل لنا إن ثمة الفرجة على صندوق العجب رغيف من الخبز العربي الذي، لأمر ما، أبقوا على عروبة اسمه. ...وقد وقعوا في هذا الإهمال الأمني حرصاً على الاضطهاد القومي الذي في البدء كان. فرغيف الخبز العربي في بلادنا أغلى ثمناً من الخبز الإفرنجي بقرار من الدولة، وما أدراك ما الدولة. قطعت عنه الإعانة الحكومية المقررة لسواه من خبز العيش على اعتبار أنه بذخ كتعاطي البسكويت والجاتو والطورطة. ويكون أصحاب الأمسية قد انتدبوا صبياً وصبية يقفان أمام باب القاعة وهما يحملان طبقاً من ورق النخيل كالذي كانت جداتنا تجدلنه وتصف عليه أقراص العجين فنحمله نحن، أحفادهن، إلى الفرن القريب. ويكونون قد جاؤوا بهذا الطبق، شرطاً، من قرية طرعان الجليلية القائمة على عهد هذه الأطباق حتى يومنا هذا متحدية الاستيطان الذي يُطبق عليها من كل جانب. ويكون المشترك في الأمسية قد حط رغيفه على الطبق فنحط رغيفاً ونُقبل على الفرجة منفرجي الأسارير. وفيما نحن على هذه الحال من الانفراج إذ برجل، في ثياب المهرجين، يتقدم نحو صدر القاعة وهو يدفع أمامه بعربة صغيرة نصب فوقها صندوقاً مزركشاً بزخارف، ويعلق على كتفه اليمنى، كما تعلق البندقية مقعداً خشبياً ضيقاً بطول الصندوق. وعلى كتفه اليسرى يعلّق كشكولاً كبيراً متدلياً حتى رجليه كأنه يد ثالثة. ويكون للصندوق طاقتان من زجاج كأنهما عينان بلا رموش. عينان جامدتان أشبه بعيني حمار أعجم. والحمار الأعجم، كما تعلمون، هو ذلك الحمار الذي سلم، بالعجمة، من عاهة النطق. فأنعم وأكرم".
يستحضر إميل حبيبي، من خلال هذه الحكاية المسرحية، على الفور الأديب الأبرز من بين الآباء المؤسسين للرواية الفلسطينية المعاصرة لا بمعنى الأسبقية الزمنية بل بالمعنى الأعمق للتأسيس، الذي يخيل إلى فنية الرواية ذاتها، شكلياً وروحياً، وذلك فضلاً عن كونه يمثل تياراً أساسياً في الرواية العربية المعاصرة، لحمته وسداة تطعيم الشكل الروائي الحديث بعناصر سردية وغير سردية مجتلبة من التراث العربي والحكايات الشعبية وأشكال السرد الشفوي. ومن جهة أخرى فإن إبداعية الكاتب في عمله هذا ينبع من استحضاره الرمزي لقضايا الأمة العربية بصورة عامة، والفلسطينية على الأخص بلغة لا تخلو من السخرية وهو بذلك يمثل الجاحظ في أدبه النقدي الساخر بلغة معاصرة. إقرأ المزيد