تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: الدار المتحدة للنشر
نبذة نيل وفرات:تكمن أهمية هذا الكتاب من حيث نوعية الطرح الذي يروج من خلاله الكاتب في الفصول السبعة الأولى لمسألة "المجيء الثاني" والذي لن يكون إلا في هيكل جبل المعبد في القدس بين ظهراني يهود. ويمكننا القول أن هذا الكتاب عبارة عن محاولة صياغة وتفسير السياسة العالمية بناء على نبوءات الكتاب ...المقدس الذي يضع لها الكاتب التفسيرات التي يرتأيها هو والمدرسة التي يتبع لها حسب الواقع الموجود والمستقبل الذي يرسمونه، وعلى ذات المبدأ يسير كاتبي الفصلين الأخيرين.
والمنطلق الذي يرتكز عليه الكاتب هنا في رسم صورة مستقبل العالم هو سفر دانيال وبالتحديد الإصحاح الذي يرسم إمبراطوريات الأغيار الأربع كما يسمونها: "أجاب دانيال وقال: كنت أرى في رؤياي ليلاً وإذا برياح السماء هجمت على البحر الكبير وصعد من البحر أربع حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد وله جناحا نسر، وكنت أنظر حتى انتتف جناحاه وانتصب على الأرض وأُوقف على رجلين كإنسان وأعطي قلب إنسان. وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب، فارتفع على جنب واحد وفي فمه ثلاثة أضع بين أسنانه فقالوا له هكذا، قم كُل لحماً كثيراً. وبعد هذا كنت أرى وإذا بآخر مثل النمور وله على ظهره أربعة أجنحة طائر، وكان للحيوان أربعة رؤوس وأعطي سلطاناً. بعد هذا كنت أرى رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جداً وله أسنان من حديد كبيرة، أكل وسحق وداس الباقي برجليه، وكان مخالفاً لكل الحيوانات التي من قبله وله عشرة قرون".
يتطرق الكاتب بشكل موجز إلى الإمبراطوريات الثلاث الأولى والتي تتمثل بالأسد والدب والنمر، ويتوسع في الإمبراطورية الرابعة، الإمبراطورية الحديدية والتي استمد منها عنوان كتابه بابل الغامضة أو بابل الأسرار. والفكرة الرئيسية التي يدور حولها هذا الكتاب، هي وضع الخطوط الرئيسية للإمبراطورية العالمية التي ستحكم عالم الزمن الأخير، وتكون الطريق إلى المجيء الثاني للمسيح.
وبابل الغامضة، حسب رأي الكاتب، هي بابل الجديدة في مقارنة مع بابل القديمة، فهو يعتبر بابل القديمة أول إمبراطورية حكم بها الإيار العالم، وستكون بابال الغامضة، والتي يعتبرها امتداداً للإمبراطورية الرومانية، إمبراطورية الإغيار الأخيرة التي ستنهي حكم الأغيار للعالم. وهذه الإمبراطورية حسب ما يرى ستقوم على نظام لحكم الديمقراطي تحت إمرة عدو المسيح الي سيرسم نهايتها في تمهيد لعودة المسيح.
وتتمثل هذه الإمبراطورية-كما يرى الكاتب-بالديمقراطية الحديثة التي ستمتد لتحكم العالم برمته، نظامها الديمقراطي على الأساس الديمقراطي الروماني القديم، وبذلك تكون الإمبراطورية الرومانية الرابعة، يقول: "حكومتنا الديمقراطية-يقصد الأمريكية-هي الإمبراطورية الحديدية". وفي منحى آخر، يتجه الكاتب نحو الفرات في محاولة لتكريس حدود إسرائيل الشمالية، فهذه منطقة مقدسة يحتلها العرب الآن في محاولة لإخراج أهلها الأصليين منها، وهي في نظره إرث توراتي لا يمكن مناقشته.
وبعيداً عن الخوض في موضوع الأكاذيب التي تحتويها العروض التوراتية التي تتعلق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإن الكاتب قد فسر الكثير منها على ضوء الفكرة التي يسعى إلى تكريسها: إسرائيل وشعب الله المختار. ولا يخفى على كل متبصر الهدف المنشود الذي يتبين من خلاله القارئ مدى الدأب والإصرار الذي يعمل من خلاله هؤلاء المروجون، بالرغم من ضعف حججهم، في سبيل تكريس كذبة اختلقوها ثم صدقوها، وهي أن ربهم المزعوم قد وعد نبيهم المزعوم إبراهيم بالأرض الموعودة المزعومة إلى أبد الآبدين. نقطة أخرى يركز عليها الكاتب كثيراً وهي فصل الكنيسة عن السياسة. ويعود الكاتب في الفصل السادس لمناقشة الإمبراطورية الديمقراطية من جديد في مسعى لرسم ملامح عدو المسيح الذي ستفرزه متخذاً من هتلر نموذجاً عنه. هو باختصار يرى أن عدو المسيح الحقيقي سيخرج من العالم الحديث بحضارته الديمقراطية التي تحمل من المساوئ أكثر مما تحمل من فوائد.
وبالرغم من أن عنوان الكتاب الأصلي هو: "بابل صدام الغامضة" Saddam's Mystery Babylon، إلا أن هذا العنوان لا يعبر عما في داخل الكتاب؛ فبابل الغامضة التي يعرضها الكاتب Aron Froese في سبعة فصول لا علاقة لها بصدام الذي وردت قصته في فصل منفرد وهو الفصل الثامن، وبقلم آخر وهو James Rizzuti. في هذا الفصل يسرد الكاتب على عجالة كيف أراد صدام أن يجعل من نفسه نبوخذ نصّر جديد، إلا أنه-الكاتب-لم ينس أن يُعرّج على الإسلام فيصوره ديناً آخر لا نعلم عنه هذه الصفحات التي يسوقها.
أما الفصل التاسع، فقد كرّس فيه كاتبه Wim Malgo فكرة على جانب من الأهمية، وهي بالرغم من وضوحها وبساطتها، إلا أن الكثير من العرب والمسلمين يفضلون التعامي عنها، إنها ببساطة عدم شرعية اندماج اليهود أو المسيحيين الصهاينة في المجتمع العالمي، وهذا مكتوب بأيديهم ولا يفتريه عليهم أحد، فأين فكرة "العداء للسامية من هذا؟" والأهم من هذا وذاك أن الكاتب يسوق لنا قصة مطولة عن النبي دانيال ورفاقه، لينقل لأبناء جلدته فكرة "تحريم قبول التسوية أو الحل الوسط".
ويستلمس القارئ بسهولة عدمية مبدأ السلام بالنسبة ليهود، وأنه مبدأ غير وارد عندهم، فأراضي إسرائيل الكبرى تحتلها أمم الجوار ولا بد من تخليصها من الاحتلال. والكاتب منذ البداية يحاول تكريس فكرة استحالة السلام ويعتبره "كارثة كبيرة" لأن السلام سيأتي بأمير السلام فسلام الإغيار هو سلام عدو المسيح!! إقرأ المزيد