الملاءمات النقدية من عالم الدلالة إلى معالم التأويل
(0)    
المرتبة: 72,759
تاريخ النشر: 01/06/2006
الناشر: دار العلم للملايين
نبذة نيل وفرات:لقد ميز المنظرون بين علم الدلالة المعجمي، الذي يدرس دلالة الكلمة والوحدات المعجمية عموماً، وعلم دلالة الجملة الذي يدرس دلالة الجمل، إلا أن الباحث رأى أنه ليس هناك من فائدة لهذا التفريق متى تم التسليم بأن علم الدلالة هو علم دلالة سياق للكلمة في الجملة، بما في ذلك من ...حاجة إلى القرائن المجاورة. إذ قد تطور علم الدلالة ليشمل دراسة معنى الكلمات، الجمل والملفوظ عموماً؛ ليتحول فيما بعد إلى علم الدلالة البراغماتي الذي يعنى بالاستخدام العملي والتداولي للغة. وأن المفهوم العام لمصطلح "علم الدلالة" لم يعد يتقيد في تطوره، بالمعنى كمعنى فحسب، بل بات يختزل المقاربات الدلالية، والبلاغية، واللسانية، والشعرية، ولعل في هذا الأمر استكمالاً لنظرية علم المعاني عند العرب، وانقلاباً عليه في آن: فمع أن السفاكي حدّده بقوله إنه تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان وغيره انطلاقاً من مطابقة الكلام لمقتضى الحال، ومع أنه تطور لينتقل من المعنى الأصلي ليؤدي إلينا معنى جديداً يفهم من السياق بمعنونة القرائن؛ فإن هذا العلم لم يستطع أن يتحرر من انتسابه إلى علوم البلاغة، زد على ذلك أن هذا الانقلاب التصنيفي بين العلم الغربي والعلم العربي، داخل في منظومة العلم الغربي نفسه.
ففي معجم مونان الألسني أن علم الدلالة هو جزء من الألسنية يدرس المعنى، أو مدلول الوحدات المعجمية، تارة في علاقتها مع دالاّتها، وطوراً في ذاتها. وعلى أي حال، إن المهم في ذلك كله القول بإمكانية التعالق بين علم الدلالة وعلوم الألسنية والبلاغة. وأن ارتباط علم الدلالة باللسانيات بشكل عام، ودراسة النص في ذاته، أو على أبعد تقدير ضمن مدوّنة نصوص الشاعر نفسه، يحتمان على الباحث أن يكون مصطلح “Sémantique” بكل بساطة، معادلاً مختصراً لمصطلح “Sémantique Synchronique” الذي يدرس نظرية الدلالات الألسنية في نظام ألسني معين في حقبة معينة، وإذا كان هذا النظام هو النظام المتكامل للنص المأخوذ في كليته، فإن هذا العلم يصبح، في أسمى معانيه، علم الدلالة البنيوي “Sémantique Structurale”. أما محاور اهتمامات علم الدلالة فهي الكلمات الأساسية، بما في ذلك تكرارها سواء أكانت كلمات، مفاتيح، أم كلمة، موضوع أو ارتباطهما بالعنوان؛ العلاقات ما بين الكلمات كتحسين لمفهوم مراعاة النظير عند العرب، من ترادف أو اختلاف أو تضاد أو تشاكل في علم الدلالة الخلافي التفاضلي الذي يدرس دلالة الكلمة من خلال اختلافاتها مع الدلالات الأخرى الحاضرة في المعجم.
وفي هذا الإطار تأتي هذه الملاءات النقدية من عالم الدلالة إلى معالم التأويل الذي ضم اثني عشر دراسة لاثني عشر نصاً شعرياً ونثرياً وهي: "البحّار والدرويش" لخليل حاوي، "انتظار" لجوزيف حرب، "في هيكل الشهوات" لالياس أبو شبكة، "المستبد" لرشيد الضعيف، "جيكور المدينة" لبدر شاكر السياب، "لبنان الأسود" لعبد الله الأخطل، "البنفسجة الطموح" لجبران خليل جبران، "مسافرة" لنزار قباني، "القسم الكذوب" لجورج زكي الحاج، "دع عنك لومي" لأبي نواس، "أجمل من عينيك" لسعيد عقل، "جنة الأحلام" ليوسف غصوب.
ويمكن القول بأن الباحث أثبت في دراساته هذه قول غريماس في مستهل كتابه "علم الدلالة البنيوي" أن العلوم الإنسانية تجد مخرجها المشترك في الأبحاث التي تقوم على الدلالة. إقرأ المزيد