دراسات أندلسية ؛ مظاهر التأثير الإيبيري والوجود الأندلسي بالجزائر
(0)    
المرتبة: 34,689
تاريخ النشر: 01/01/2003
الناشر: دار الغرب الإسلامي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا تذكر الدراسات العثمانية بصفة عامة، والمتعلقة منها بتاريخ بلاد المغرب العربي بصفة خاصة، إلا ويأتي قي مقدمة رواد هذه الدراسات اسم الأستاذ الدكتور ناصر الدين سعيدوني. وإذا كان العصر العثماني هو ميدان تخصصه، فإنه يذكرنا بالقلة من العلماء الموسوعيين، لما ساهم به من بحوث عديدة، صال فيها وجال ...في ميادين متعددة من الدراسات التاريخية. وإذا كان الأستاذ الدكتور ناصر الدين سعيدوني، يأتي في مقدمة الرواد في ميدان الدراسات التاريخية، فإنه إلى جانب ذلك، أديب من الأدباء المبرزين، الذين ملكوا ناصية اللغة، فهوة يجمع في أسلوبه بين الجزالة والرقة.
إن هذا الكتاب الذي يقدمه اليوم الأستاذ الدكتور ناصر الدين سعيدوني للقارئ العربي، تحت عنوان "دراسات أندلسية: مظاهر التأثير الأيبيري والوجود الأندلسي بالجزائر". يشتمل على ثلاثة عشر بحثاً من البحوث القيمة المتعلقة بالأندلس كتبت في معظمها في مناسبات متعددة، وفي أوقات مختلفة. فكانت هذه الأندلسيات الجزائرية، كما ذكر -صاحبها- تعبير صادق عن الارتباط بالتراث وموقف ملتزم من الماضي.
أول هذه الأبحاث: تعرضت لأوضاع الجالية الأندلسية بالجزائر وتناول فيها مؤلفها المحاور الآتية: الهجرة الأندلسية إلى الجزائر والأثر العمراني لها، ومشاركة الأندلسيين في الدفاع عن الجزائر وتحصينها، مع عرض للنشاط عن الوضع الاقتصادي للجاليات الأندلسية بالجزائر، ونبذة عن الوضع الاجتماعي للجدلية الأندلسية بالجزائر.
أما البحث الثاني: الذي يحمل عنوان "الأندلسيون الموريسكيون" بمقاطعة الجزائر "دار السلطان" أثناء القرنين العاشر والحادي عشر للهجرة، السادس عشر والسابع عشر للميلاد، فقد عالج فيه المؤلف مراحل الوجود الأندلسي بالجزائر التي تميزت بازدياد أعداد الأندلسيين بالسواحل الجزائرية ومساهمتهم الفعالة في مجال الزراعة والري، والصنائع والمهن، وكذلك في الحياة الاجتماعية والحياة الثقافية والفنية في مقاطعة الجزائر، قبل أن يختتم هذه الدراسة بالحديث عن انكماش دور الأندلسيين وأسباب اختفاء تأثيرهم في مقاطعة الجزائر.
أما الدراسة الثالثة، فموضوعها: "أوقاف الأندلسيين بالجزائر من خلال وثائق الأرشيف الجزائري". فقد ركزت على أهمية الأوقاف في الجزائر في العصر العثماني من خلال المحاكم الشرعية، كما حاول إحصاءها من خلال ذكر الحوانيت والمخازن والحمامات والعلوي وهي البيوت الواقعة بالطوابق العليا، وكذلك الديار والغرف والبيوت التي كانت تحت إشراف ناظر أوقاف أهل الأندلس...
وفي الدراسة الرابعة، تناول المؤلف موضوعاً مهماً ألا وهو "مدرسة بجاية" الأندلسية"، استعرض فيها المؤلف أثر الأندلسيين على الحياة الثقافية بالمغرب العربي، وأهمية بجاية العلمية كمركز إشعاع أندلسي بالمغرب الأوسط، محدداً معالم مدرسة بجاية الأندلسية، وأهم علمائها، وبرامج الدراسة بها، مركزاً على الطابع الأندلسي سواء في طريقة التأليف أو الأساليب المتبعة في الدراسة في العلوم العقلية والشرعية والفنون، قبل أن يستعرض أهم العلوم والدراسات والمعارف الرياضية والطبيعية في بجاية من ذلك العصر.
أما الدراسة الخامسة فكانت عن "مدرسة مدينة الجزائر الأندلسية"، التي ارتبطت بازدياد أهمية مدينة الجزائر مع نزوح الأندلسيين إليها في وقت ضعف فيه الزيانيين بتلمسان، والحفصيين بتونس، وقد استهل المؤلف هذه الدراسة بعرض تاريخي أوضح فيه كيف أصبحت مدينة الجزائر هدفاً للأطماع الإسبانية منذ أن نشأ الأندلسيون قبالتها حصناً يرد الهجمات الإسبانية، وتحتمي به السفن الإسلامية بعد قيامها بغارات على السواحل الإسبانية، قبل أن يستعرض نشاط الأندلسيين وتأثيرهم على مختلفة مظاهر الحياة بمدينة الجزائر، من خلال الأمور التي تتصل بالدعم العسكري الأندلسي، والخدمات الإدارية التي قدموها لحكام الجزائر والنشاط الاقتصادي الذي قاموا به وأساليب الحياة والعادات والتقاليد، والأثر الفكري الذي تركوه في المجتمع الجزائري.
وفي الدراسة السادسة، ينتقل بنا المؤلف إلى المغرب الجزائري ليرسم لنا صورة متكاملة عن إحدى نقاط الاحتكاك الجزائري الإسباني، فيتناول "حصن المرسى الكبير: من رباط إسلامي، إلى حصن إسباني، إلى محطة عثمانية". فيعرفنا عن موضع حصن المرسى الكبير وأهميته، وعمارته وتخطيطه، وتطوره من محطة تجارية رئيسية للدولة الزيانية، إلى حصن دفاعي في مواجهة الغزو البرتغالي، قبل أن يتعرض للغزو، ويتحول إلى قاعدة إسبانية بذل الجزائريون جهوداً كبيرة لاسترجاعها وطرد المحتلين الإسبان منها.
وفي بحثه السابع، يعرض المؤلف للهجوم الإسباني على الجزائر، أو معركة الحراش (1189هـ/1775م) فيرسم إطاراً لهذه المعركة، التي جندت لها إسبانيا جيشاً قوامه ثلاثة وعشرين ألف رجل، منهم ألف فارس، قبل أن يستعرض تفاصيل المعركة، وكيف انتهت باندحار الجيش الإسباني.
أما الدراسة الثامنة المتعلقة "بالمعاهدة الإسبانية الجزائرية (1206هـ/1791م) فقد تناولها من خلال تطور العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، وكيف تمخضت هذه العلاقة عن عقد معاهدة بين الدولتين، وضعت حداً لحالة التوتر والعداء بين البلدين.
بينما كان موضوع البحث التاسع "المعاهدة البرتغالية الجزائرية -15 جمادى الثانية 1228هـ/14 حزيران 1813م" التي ترسم لوحة متكاملة عن تطور العلاقات الجزائرية البرتغالية من مرحلة تكاد تخلو من آية مواجهات عسكرية أو توترات سياسية ذات أهمية، إلى فترة عداء بين البلدين، فأوضح أسباب هذا العداء، وتوتر هذه العلاقة بينهما حتى وصلت إلى مرحلة الصدام المسلح بين البلدين.
وفي البحث العاشر تناول المؤلف موضوعاً مهماً حول مكانة المثقف والأدبي ومنزلة الكاتب والمفكر في مجتمعه، وجعل عنوانه "الوطن في ذاكرة المقري، مكانة الأندلس، ومنزلة لسان الدين بن الخطيب في مدونة نفح الطيب". بدأه بالحديث عن نشأة المقري، وارتحاله من تلمسان، وتنقله بين أقطار المغرب والمشرق، ثم حياة المقري في دار هجرته، وحنينه إلى تلمسان التي ظلت ماثلة في ذاكرته، وكيف وجد في حديثه عن ذكريات الأندلس ما يعوضه عن حنينه إلى وطنه، كما وجد في مأساة لسان الدين بن الخطيب ما يعبر عن موقفه في الحياة وعلاقته بالحكام.
ثم عرض في أسلوب رشيق لموضوع في غاية الأهمية حول جدلية التناقض بين من يملك حق القوة بحد السيف، ومن له قوة الحق بفضل العلم والمعرفة، ونتائج ذلك على مقدرات العلم الإسلامي، ومن هذا المنطلق نجد المقري يدافع عن لسان الدين بن الخطيب دفاعاً قوياً حاراً.
وفي دراسته التالية والتي جعل عنوانها "من وحي الأندلس: رحلتي في ربوع إسبانيا"، ينقلنا المؤلف عبر الزمان والمكان، فنحلق معه عبر التاريخ الجميل للأندلس، وبأسلوبه الرشيق يمزج الماضي بالحاضر، فيبدأ بفتح المسلمين للأندلس ويطوف بنا عبر مراحل التاريخ الأندلسي، ثم يقص علينا مشاهداته في رحلته إلى الأندلس المفقود، ثم ينتقل من غرناطة إلى مدريد ويروي لنا مشاهداته طوال الطريق، ويتوقف بنا في مدريد وغيرها بين المدن الإسبانية، ثم يصف لنا رحلته في طريق العودة من قرطبة إلى إشبيلية إلى الجزائر، مازجاً فيها بين ماضي الأندلس التليد، وما يثيره في النفس من شجن، وبين ما يراه مائلاً أمام العين من تراث هذا العصر الجميل.
ثم أورد الأستاذ الدكتور ناصر الدين سعيدوني بيبليوغرافيا أولية بالدراسات الأندلسية، الموريسكية، الأيبرية التي نشرت بالجزائر أو التي ساهم بها جزائريون (1962-2000م) قبل أن يختتم هذه الدراسات الأندلسية بجدول تاريخي أثبت فيه أهم الأحداث المتعلقة بالوجود العربي الإسلامي في شبه جزيرة إيبيريا والتطورات التي عرفتها العلاقات الإسبانية الجزائرية. إقرأ المزيد