تاريخ النشر: 01/04/2006
الناشر: دار الفارابي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:قبيل إصابته بنوع من الجلطة في الدماغ، اندفع عصام محفوظ في "ورشة" تنسيق لعدد من كتاباته، وتوليفها في عدة كتب، ووضع مقدمة لكل كتاب منها تؤالف بين موضوعاته... وبدأ كان مستعجلاً إصدارها، أو كأن ضرورات العيش هي في أساس هذا الاستعجال. فكان من شأن تجميع مقالاته الثقافية والفكرية، وتنسيقها ...وإصدارها بوتيرة متسارعة، أن يوفر له بعض الدخل المالي، لضرورات العيش، وضرورات التواجد الفاعل في الميدان الثقافي، وضرورات الاستمرار في الكتابة وفي الحياة.
وهكذا، أصدر عصام محفوظ –بين أواخر العام 2004 وأواسط العام 2005، ستة كتب مهمة، ثقافياً وفكرياً وحجماً، هي على التوالي: "سجالات القرن العشرين الفكرية".. و"حوار مع الملحدين في التراث".. و"روائيو القرن العشرين".. و"محاكمات لها تاريخ".. و"أساتذتنا في القرن العشرين".. و"رحلة ثقافية في سبعينيات القرن العشرين، شرقاً وغرباً".. وهذه الكتب تضم مقالات ودراسات وحوارات غنية جداً بالمعرفة الثقافية الفكرية والفنية، وتبدو كأنها توخت أن تقدم إلى القارئ نوعاً من البانوراما المتنوعة لمختلف مجالات الثقافة والإبداع على مدى هذا القرن العشرين وفي مختلف بلدان العالم، شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً وتطلعاً أيضاً إلى استشراف مستقبلي.
على أن المجلد الذي كان موضع اهتمامه والأقرب إلى قلبه وعقله وكيانه، وإلى حقيقته الفنية والإنسانية، وموئل اعتزازه وفرجه ومجده الفني، هو هذا المجلد الكبير الذي نضعه بين يدي القارئ العربي: "مسرح عصام محفوظ" الأعمال المسرحية الكاملة.
...أنهى عصام محفوظ بنفسه، قبيل تهاويه الصحي المأساوي، تجميع وتنسيق مادة هذا المجلد في فصول وأقسام وبعض الشروحات والمعلومات: خصص القسم الأول، بالطبع، لنصوص مسرحياته، الطويلة منها والقصيرة، والتي سبق أن صدرت متفرقة في 13 كتاباً.
أما القسم الثاني فيضم مقالات له في فنون المسرح، ومقتطفات من أحاديث له في قضايا مسرحه هو والمسرح العربي والمسرح الحديث إجمالاً... وفي هذه المقالات والأحاديث رؤى واستنتاجات في النظرية المسرحية، واستخلاصات، لها طابع تنظيري، مستمدة من الممارسة المسرحية نفسها، والمحاولات التجريبية، وما تطرحه من ابتكارات جديدة واستشرافات مستقبلية. وبإمكان القارئ، والباحث، أن يرى في هذه المقالات والأحاديث: كيف يربط عصام محفوظ، باستمرار، بين النظرية والتحليل وحركة الواقع الاجتماعي السياسي، وأيضاً بين الإمكانات المحدودة التي يناضل العاملون في المسرح اللبناني من أجل توفيرها، والمصاعب التي جابهتها حركة المسرح الحديث، وكيف واجه المسرحيون (وبالأخص خلال الستينات وأوائل السبعينات) هذه الصعوبات، واحتالوا عليها وأوجدوا حركة مسرحية ناشطة، وجذبوا إلى الصالات المسرحية جمهوراً واسعاً بالنسبة لذلك الزمان.
عصام محفوظ كان يكتب تلك المقالات والدراسات، من حيث هو مبدع مسرحي أولاً، ومن حيث هو كذلك كاتب يلتزم قضايا الناس، وكيف بإمكان المسرح، والفنون عموماً، أن تعبر جمالياً، وفي أفق الحداثة عن قضايا الناس تلك، وعن ضرورات التطوير المستقبلي لمجتمع العدالة والتقدم.
ويتجلى هذا الترابط العضوي بين النظرية والممارسة العملية، في حوار طويل معه، مفصل، ودقيق جداًن عن عناصر الريادة والتطوير في مسرحه والمسرح اللبناني العربي عموماً –(منشور في الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب)- ولعل هذا الحوار يشكل نوعاً من الدراسة المتأنية، حيث يحاول عصام محفوظ أن يحدد –بما يشبه الموضوعية- مواصفات مسرحه هو ومكوناته ودوره الريادي التأسيسي في حركة المسرح الطليعي الحديث في لبنان.
ولكن، هل بإمكان الحياة –وقد قطع مسارها المأساوي المسيرة الإبداعية لعصام محفوظ –أن تتصدى هي لكتابة الفصل الأخير من هذه التراجيديا، حيث "الإنسان يتحدى القدر"؟!
فمن عجائب الإرادة البشرية هنا، أن عصام محفوظ، الذي تهاوى جسده تحت وطأة الجلطة في الدماغ، وأصيب بشلل شبه كامل، وتعطل منه النطق، أصر، بقوة الإرادة، على أن يتابع بنفسه (وغبر رسائل يكتبها- أو: يخربشها- بيده اليسرى) مختلف المراحل التنفيذية لتنسيق مادة هذا المجلد، في نوع من الشغف والاندفاع، مازجاً بين إمكانية أن يرى المجلد جاهزاً، وواقع أنه –بهذا الجهد الأسطوري الذي تفرضه الإرادة على الجسد المشلول- إنما هو يكتب وصيته الأخيرة. إقرأ المزيد