حول تعطيل المجلس الدستوري
(0)    
المرتبة: 379,850
تاريخ النشر: 01/03/2006
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:في أول يوم عمل تشريعي للمجلس النيابي المنتخب في شهر حزيران من العام 2005، أصدر مجلس النواب قانونين للعفو عن جرائم سابقة، وقانون أجل بموجبه فصل المجلس الدستوري بالمراجعات الواردة إليه. مرت قوانين العفو وحصلت على قوة النفاذ بعد نشرها في الجريدة وشقت طريقها نحو التنفيذ، وأما قانون تأجيل ...المراجعات لدى المجلس الدستوري فلم يسلم، فوقع هذا القانون في مصيدة المجلس الدستوري عندما تقدم نواب كتلة الإصلاح والتغيير بمراجعة ترمي إلى إبطاله.
ففي هذا القانون محل الطعن أقدم المجلس النيابي على تعطيل المجلس الدستوري بإقراره أن يؤجل النظر في المراجعات أمام المجلس الدستوري ريثما يتم استكماله". وقد رافق على هذا القانون كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، عبر توقيعهما هذا القانون ثم نشره في الجريدة الرسمية، وبتاريخ 6/8/2005 أصدر المجلس الدستوري القرار رقم 1/2005 الذي أبطل بموجبه القانون المطعون فيه، بعد أن اعتبره مخالفاً للدستور وواجب الإبطال إبطالاً مطلقاً.
عند النظر في هذه المراجعة واجه المجلس الدستوري ومقدمو الطعن على حد سواء إشكالية تتعلق بقدرة المجلس الدستوري على النظر في هذه القضية، فالمشترع حجب عن المجلس الدستوري، إلى حين تحقق أجل أو شرط، ممارسة اختصاصه بالنظر في المراجعات الواردة إليه، بما فيها مراجعة الإبطال القانون 679 المطعون فيه.
تصدى المجلس الدستوري لهذه الإشكالية، وبعد عرضها على الدستور تبين له أن القانون لا يمثل الإرادة العامة إلا بقدر توافقه وأحكام الدستور، وأن امتناع المجلس عن النظر في قضية عرضت عليه يشكل امتناعاً عن إحقاق الحق، لأنه لا يوجد أي جهة قضائية أو دستورية أخرى عدا عن المجلس الدستوري تملك صلاحية الفصل في دستورية القوانين.
بعد ذلك انتقل المجلس إلى بحث دستورية هذا القانون، فوجده مشوباً بعيوب عديدة نوجزها بالآتي:أولاً: إنه قانون تعدى به مجلس النواب على المجلس الدستوري، فخرق بموجبه المجلس النيابي مبدأ فصل السلطات. ثانياً: إنه كان يخالف مبدأ استمرارية المرافق العامة، ثالثاً: إنه خالف مبدأ وضوح القانون وقابليته للفقه.
وإذا كانت هذه الأسباب المذكورة، هي الأسباب التي أدت بنظر المجلس الدستوري إلى بطلان القانون 679/2005 بطلان مطلقاً. فإنها بالتأكيد ليست هي النقاط القانونية الوحيدة التي أثيرت في هذه القضية وتطرق لها الحكم وعالجها المجلس الدستوري.
من هنا كان لهذه القضية أهميتين، أهمية أولى ترتبط بالقانون ذاته محل الإبطال والأسباب التي أدت إلى بطلانه، وأما الأهمية الثانية فهي المبادئ العديدة التي أثيرت في هذه القضية، والتي تثار لأول مرة في القضاء اللبناني، وبعضها لم يكن قد سبق طرحه أمام أي قضاء دستوري في العالم. وكانت هذه الأهمية المتميزة، هي الحافظ نحو وضع تعليق على هذا الحكم، وذلك لتسليط الضوء على المبادئ التي وضعها، بعد قياسها على ما هو مستقر في الفقه والاجتهاد.
ولتحققي المبتغى، عمد في هذه الدراسة السريعة إلى عرض نص القانون 679/2005، يليها مراجعة الإبطال التي تقدم بها نواب كتلة الإصلاح والتغيير، وبعدها قرار المجلس الدستوري، وختاماً التعليق الذي أعده الدكتور "عصام نعمة إسماعيل" على هذا الحكم. إقرأ المزيد