تاريخ النشر: 01/02/2006
الناشر: دار الكنوز الأدبية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"..أين رجلي.. أعيدوا لي رجلي"، هكذا كان يردد "زاهر المعلول" وقت إذ مدّ يده ليحل موضع تنمل شديد في إصبع قدمه اليمين. انحنى كسبابة معقوفة نحو الأمام، ولم يجد لقدمه أثراً، علم على بعض من الصحوة وبعض من خدر في الوعي، أنه الآن بلا قدم، وأن ساعات فائتات لا ...يدري عددهن.. قد مررن على انتهاء العملية الجراحية التي بتر فيها الأطباء رجله، غير أن الممرضة التي حضرت مصحوبة بموظفة الإشراف، وبرجل غليظ الهيئة.. يلبسون الأبيض جميعاً.. قد أخبرته بلغة إنجليزية سريعة، أن عليه ألا يستخدم الضاغط الأحمر المعلق فوق رأسه على الجدار، وقالت موظفة الإشراف العربية محذرة.. إنه قد أحدث بهذا الفعل شيئاً من الطوارئ، فالوقت الآن يناهض الثالثة صباحاً... لقد دار على هدأته بعد العملية ما يكاد أن يقارب تطابق عقربي ميناء الساعة، ليكمل بعدها يوماً. كان آخر ما تبقى بحافظة ذهنه من كلام، ولملمت عيناه المضببتان لباسها الأبيض الطويل.. بينما كانت الممرضة قد دفعت بكامل المخدر في وريد يده، ثم.. خمد كغصن اجتز فبدأ عليه الضمور. لقد أعادوه بحقنة سكنته حدّ التخدير إلى النوم، وما لبث خلف الضمور أن تخشب ظهره فقرة فقرة، وتيبست مفاصله فكان محنطاً سوى أن قلبه يدق برتابة ساعة قديمة كتلك التي خلفها السابقون علماً على الجدران وعى الأطفال دقاتها البندولية المكررة أبداً".
هذا كتاب في هجاء التألم من الألم، ومديح للقوى الخفية في الإنسان، واستنهاضها لتعينه على مواجهة قدره، فردياً كان أو جماعياً، ثقافياً كان أو سياسياً، ولعل أهم مات ينطوي عليه العمل هو ما يوحي بالمشابهة بين المرض الفردي الصحي المزمن الذي يعانيه "المغزول" وبين أمراض الفقر والجوع والقهر والتخلف التي ينؤ تحت أثقالها، عالمنا العربي الكبير.
ولعل قدرة "زاهر المعلول بظل هذه الرواية وإرادته على تحويل الضعف إلى قوة، هي بنية المعادل الرمزي المتخفية في قاع النص، والتي تنبهنا إلى أهمية الاعتداد بالذات، وبالثقة في النفس، ومقاومة الأمراض العددية التي تتغلغل في أبداننا، وأفكارنا، وأوطاننا. إنه كتاب، وحكمة معاً.
كتاب في كتابة الألم، يحتاجه المرضى ليتعلموا كيفية مواجهة المرض والتغلب عليه. وهو حكمة أيضاً، في بعده الرمزي المحرض على زرع ثقافة التفاؤل والأمل، ليس في الأجساد المتعبة والقلوب الكليلة وحسب، وإنما في الأوطان المنهكة، والشعوب المقهورة، لتكتشف مكامن قوى المقاومة فيها، ومقدرتها حب الحياة وصنعها أيضاً. إقرأ المزيد