تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: دار الشروق للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:"مثلما نقش الخوّاص آباره و"مقوره" في الصخر على قمة الجبل، نقش نفسه في ذاكرة هذا الطفل، وعندما كبر وسافر إلى الخارج ظل الخواص رفيقه يتذكره في كل حين، خصوصاً في ليالي الشوق إلى الوطن المحتل. كان أثناء غربته يمسك قلماً ويرسم خارطة قريته بطرقاتها المعبدة منها وغير المعبدة، ويرتفع ...خط القلم غرباً نحو الخوّاص فيرسم مقامه كاملاً دون البيوت الأخرى، فالقرية تقع على هضبة جبلية طولها أكثر من كيلومترين، وفي شرقها ترتفع التلة قليلاً حيث أقيمت مدرسة ثانوية تبرع بأرضها أحد أعلام القرية هو محمد عبد السلام البرغوثي خريج الجامعة الأميركية في العام 1929، وساهم هو وأهل القرية في تكاليف البناء. بنيت البلدة القديمة على أنقاض قلعة بيزنطية تقع على مرتفع وسط الهضبة تحيطها بيوت قديمة حول الساحة قرب دير بيزنطي، ربما اقيم على أنقاض قلعة كنعانية، فالتراكم في البنيان سمة من سمات القرى والمدن الفلسطينية القديمة، وكانت القرية فيما مضى تسمى "صريدة" وهو اسم كنعاني. لكن الآثار الكنعانية اندثرت تحتها، وظلت ماثلة للعيان حولها خصوصاً في "وادي صريدة" ذي الكهوف المحفورة في الصخر والمخابئ المجهولة التي اكتشفها منقبو الآثار ولصوصها، ومن القرية القديمة حتى تلة الخواص يمتد سهل واسع توزع إلى حقول ثم انتقل البناء إليه في الثلاثينيات من القرن الماضي. أما التلة نفسها فهي أعلى من غيرها وتطل على القرية وتنحدر بعد المقام انحداراً سحيقاً نحو وادٍ يدعى "العبديني" وجنوباً نحو طريق العين الجديدة وشمالاً نحو القلع. ذات سنة عشقته فتاة أميركية في روما وظلت تراوده عن نفسه كي يذهب معها إلى الولايات المتحدة، وصفت له ثراء عائلتها ورفاهية الفيلا التي تعيش فيها منفردة في كاليفورنيا. كان بحاجة إلى مثلها كي تساعده ليشق طريقه في عالم الأحلام، وتعهدت له بأن تلحقه بمعهد للدراسة وبصحيفة أو تلفزيون ليتدرب بوساطة والدها الثري، وقالت أن بلادها بلاد الفرص فلا تضيع الفرسة. كانا يتحدثان على مائدة الطعام في أحد المطاعم الفاخرة، الذي دعته إليه، حيث تذوق الكافيار لأول مرة، ولسوء حظه و حسنه، نظر نحو المائدة الدسمة فاكشتف وجود مجسم صغير للكرة الأرضية، تناول المجسم الكروي وانطلق لسانه يتحدث بكلام لم يكن قد استعد له: انظري هذه الكرة الأرضية، إن لي فيها سنتمترات وأريدها لي، سأظل أحاول أن أعود إليها".
في "الخوّاص" يحاول الكاتب سرد سيرته الذاتية في إطارروائي تتداخل فيه الخيالات بالحقائق، مشكلة منحىً سردياً ضمن أسلوب يميل حيناً إلى الشفافية ليرتقي بالحكاية إلى مقام الخواص، وإلى الصلابة أحياناً ليحاكي صلابة الفلسطيني المصرّ وبشتى الوسائل على العودة إلى أرضه السليبة. إقرأ المزيد