تاريخ النشر: 01/09/2005
الناشر: دار ابن حزم
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:تواطأ الناس على تحاشي ذكر الموت، وما يأتي بعد الموت، وما أكثر ما اعتنى الإنسان بهذا الحضور الدنيوي، وقلب في مسارات الحياة وأطوارها، وأقام لذلك الأبحاث والدراسات واكتشف وأبدع، وصنع للدنيا الكثير ولا يزال، ولكن ما أقل ما سأل الإنسان نفسه عن حقيقة مآله بعد ذلك، عن مصيره بعد ...الموت، عن ترتيبات اليوم الآخر!
سؤال خطير لا يحب الإنسان الإجابة عنه.. ماذا بعد؟
ذلك أن الارتباط الذهني لمعنى الموت بقي لدى كثير من الناس موصولاً بالعدم، والعدم هاجس الإنسان المخيف وكابوسه المزعج، فإذا تذكر مستقبلاً بلا وجود انتابه الخوف، وأن يخاف الإنسان فهذا من حقه ولكن ليس من حقه أن يقطع بانقطاع الحياة بعد الموت لأنه لا دليل على ذلك.
وإنه لخير للإنسان من الاستسلام للوهم، والبقاء تحت طائلة الرحيل المجهول، أن يبحث عن حقيقة مآله، وأن ينصت لحديث الآخرة، ويؤمن بشواهد العقل والنقل التي تقضي باستحالة عبثية الوجود.
ولو أنصف الإنسان لأدرك أن من حقه أن يتطلع إلى حياة غير هذه الحياة، مثلما يتطلع إلى حياة على كوكب آخر يتسع لما ضاقت به إمكانات الحياة الضيقة.
وصحيح أن البعث، والحساب، والجزاء، والجنة، والنار، من أمور الغيب ولكن ذلك لم يعد غيباً، بعد أن تولى الله بيان ذلك وتفصيله، لقد نزل الوحي أول ما نزل من السماء مبتدءاً بالقوارع، وذكر الزلزلة، وقدوم النبأ العظيم، ولم يتحدث الله عن شيء من مسائل الاعتقاد مثلما بين وفصل وحذر من الآخرة، حتى لتجد وكأنه لم يعد بينك وبين أن ترى الآخرة، بمشاهدها وفصولها ومواطنها سوى قليل من الصبر يكون معك لجمع ذلك الكم الكبير من أدلة الكتاب والسنة، والعمل على ترتيبها مرجعياً، لتكتشف من ثم البناء المعجز المتكامل لمشاهد حية ومترابطة.
لقد وردت أدلة الآخرة في مواضع متناثرة، وفي أكثر من موضع من الكتاب والسنة، ويمكن أن يؤلف المهتم بهذا العلم مشاهد كلية إذا عمل على إخراجها من مظانها، وجد أمامه النسق الكامل الذي يبين قصة نهاية الكون، ويبين محطات البعث، والنشور، والحشر والحساب، ونصب الموازين والمرور على الصراط، ودخول الجنة والنار، بعرض واضح، وبأدلة صحيحة ومتواترة، لا أوهام فيها ولا تخليط، ودونما تعارض أو تناقض، ليكون ذلك حجة على كل منكر وبياناً لكل غافل أو متردد.
وليس هذا الكتاب سوى محاول لتتبع أحداث ووقائع تلك القصة الأخروية، وربط أدلتها ضمن سياقها الواحد ونسقها المتصل من آخر أيام الدنيا وتحديداً من فترة ما بعد طلوع الشمس من مغربها، حتى آخر أهل الجنة دخولاً وذبح الموت، وهي الفترة الأكثر غموضاً إذ لم تأخذ من المؤلفين القدر الذي أخذته علامات القيامة الصغرى والكبرى، ومسألة الجنة والنار وما يتصل بأمور الآخرة بصورة إجمالية وتجميعية.
على أن الأجد في هذا المؤلف، إلى جانب جديد المنهج يكمن كما سنلحظ في المزج بين أدلة النقل والعقل ما أمكن، والإفادة من معطيات العلوم الطبيعية في إثبات مسالة القيامة وحتمية الانقلاب القادم، وقد أولى الكتاب هذا الجانب -أي: التوأمة بين الكتاب المنطوق وأدلة الكتاب المشهود- ما يستحقه من الاهتمام. إقرأ المزيد