يهود في الحياة الاقتصادية والسياسية للدول الإسلامية (العباسية - الفاطمية - الإلخانية)
(0)    
المرتبة: 8,394
تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: التكوين للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:كان الموضوع المتشعب للعلاقات بين مختلف فروع الأدب الإسلامي واليهودي خلال العصور الوسطى منذ زمن طويل موضوع بحث لدى عدد من كبار العلماء مثل: أ. غيغر وم.شتاينشنيدر وإ.فردلاندر وإ.غولدزيهر، الخ، بيد أن العلاقات في ميدان الحياة الاقتصادية والسياسية لام تلق حتى ما تستحقه من عناية واهتمام، ومن الممكن أنه ...تم إغفال هذا الجانب من العلاقات بسبب أحكام معاملة "أهل الذمة" في الشريعة الإسلامية التي عرفتها أوروبا من خلال كتابات أبي يوسف والماوردي أكثر من سواهما، وتبعاً لهذه الأحكام كان من المحظور استخدام غير المسلمين في الإدارات العامة.
لكن هذا كان من حيث الواقع النظري فقط، تظهر القرارات العديدة التي صدرت عن عدد من الخلفاء واحداً تلو الآخر، والقاضية بعدن استخدام اليهود والنصارى في الإدارات وعزلهم من مناصبهم، تظهر التطبيق غير الكامل للنظرية وأن الأعمال اليومية والأحكام التي اتبعها الحكام بعيدة عما وضعه المشرعون والفقهاء.
والدراسات المجموعة في هذا الكتاب بينت على أساس بحث نموذجي في المصادر العربية التاريخية، وهي محاولة تستهدف توضيح الدور الذي شغله اليهود في الأجواء السياسية والاقتصادية لبعض البلدان الإسلامية مثل العراق ومصر وإيران خلال الحقبة الممتدة ما بين القرن العاشر والقرن الثالث عشر.
وتتمحور المواد المتبعثرة في ثنايا المصادر العربية المعروضة هنا حول عدد من الشخصيات البارزة، وهي في الغالب شخصيات كبرى تولت الوصل فيما بين عالمي اليهودية والإسلام، وهي شخصيات نالت الحظوة من قبل أحد الحكام أو من ظروف تاريخية أخرى، وقد وجهت الدعوة إليها بسبب ما تمتعت به من صفات وطاقات وخدمات لتتولى دوراً فعالاً في الحياة العامة لأيامها، وبذلك أحدثت تأثيراً على مجرى الأحداث التاريخية العامة، وقد أظهر هؤلاء في حياتهم الصعود المفاجئ المعتاد والنهاية المفاجئة المماثلة، وهذا أمر عام بالنسبة لحياة عدد كبير آخر من الأفراد العظماء في الأوتوقراطيات الشرقية.
واختيار التعامل هنا مع عدد من الشخصيات اليهودية البارزة فقط لم يأت نتيجة لاختيار قسري، فقد جاء هذا نتيجة لمواقف المصنفين العرب الذين أشاروا إشارات خفيفة موزعة هنا وهناك لغير المسلمين، وذكروا من بينهم فقط الذين حظيوا بعناية خاصة بسبب أوضاعهم ونشاطاتهم، ولو لم يكن الأمر كذلك لربما كانت المعلومات المتعلقة بالوضع الاقتصادي لليهود في العصور الوسطى أكثر كمالاً من بعض الوجوه.
ولا بد من الإشارة إلى نقطة الانطلاق في هذا البحث كانت من المصادر الإسلامية المتوافرة.
وجرى استغلال الوثائق اليهودية والسجلات عندما وجد أن فيها إشارات مباشرة لهذا الموضوع، ذلك أنها تعالج بشكل رئيسي الحياة الدينية الداخلية للجالية اليهودية.
وتمتد أرضية هذه الدراسات من مصر إلى غيران خلال العصور الوسطى، ومع أن مصطلحي "عصور وسطى" و"عصر وسيط" قد استعيرا من التاريخ الأوروبي، وليسا صحيحين تماماً في هذا المجال، فقد جرى اعتمادهما كمصطلح قائم فقط، ولقد أبقيت المشاكل اليهودية المماثلة في حقبة أخرى وفي ظل حكم أسر إسلامية في بلدان أخرى مثل الأندلس، والشمال الأفريقي وتركيا.. الخ، لكتاب منفصل.نبذة الناشر:صنف هذا الكتاب قبل قيام الكيان العنصري الصهيوني, وهو كتاب يثير الاهتمام وينبه إلى ضرورة الالتفات نحو الدراسات المالية, والتمعن في أدوار رجال المال, ونفوذهم على السياسات الداخلية والخارجية للدول التي نشطوا فيها, ومثل ذلك قضية الاصطلاحات في الإدارات المالية والتجارية, ومهم كثيراً لدى دراستنا للتواريخ الاقتصادية لمختلف بلدان دار الإسلام, في أية مرحلة من المراحل, أن نعرف مدى خطورة تحويل الأموال من بلد إلى آخر, ولا سيما من البلدان المسلمة إلى البلدان المعادية. كما يبين التاريخ بأن الظهور اليهودي الأول في العراق وقع بعد قضاء الاسكندر المقدوني على الإمبراطورية الأخمينية في عام 333 قبل الميلاد, فاليهود ظهروا للمرة الأولى في فلسطين أيام الحكم الإخميني لبلاد الشام, ولا تصح حكايات الإسرائيليات, وجاء هذا نسبة إلى منطقة ضمت الحامية العسكرية الإخمينية في فلسطين, ويهودية هذه الحامية كانت مزيجة إلى أبعد الحدود بالزرادشتية, وفي العراق, تمكن اليهود مع صنع اليهودية الحاخامية وتطوير واستكمال تدوين أسفار العهد القديم, وكذلك تدوين التلمود البابلي, وتمتع اليهود بالحرية الدينية, وامتلكوا- حتى في ظل الإسلام- عدداً من المدارس اللاهوتية, وكان للفقه الإسلامي وعلم الكلام والحضارة الإسلامية الأثر الأعظم عليهم, ومع ذلك ظلوا دوماً من دون وفاء ناقضين للعهود (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل).
وتتشابه حكاية الخلافة الفاطمية التي تأسست في مصر بوساطة عمل عسكري، مع حكاية الدولة الإيلخانية، فالإيلخانيون كانوا قوة محتلة من المغول، أسس دولتهم في تبريز هولاكو حفيد جنكيزخان، وظل المسلمون يتعاملون مع الإيلخانيين تعاملهم مع قوة احتلال مرفوضة حتى بعد دخول الإيلخانيين في الإسلام، وهذا واضح تمام الوضوح في المصادر التي تحدثت عن نشاطات غازان ومن تلاه ضد بلاد الشام، ومثلما حدث بالنسبة للدولة الفاطمية، اعتمد الإيلخانيون في مناصب الوزارة والإدارة والمال على عدد من اليهود، فهكذا تفعل سلطات الأقليات، التي تتأسس على شرعية السيف، لكن السيف يعلموه الصدأ ويتآكل لتلطخه الدائم بالدم، والذي يعيش فقط من السيوف، هو من جرى استخدامه لخدمة "مؤقتة" لغاية حضارية أو عقائدية إنسانية وأخلاقية دائمة.
وكان من مخاطر اعتماد الإيلخانيين -وهم أقليلة- على الأقلية اليهودية، هو أن يهود العراق والمشرق عاشوا منذ القرن الثاني عشر ميلادي في أجواء يكمن وصفها "بالصهيونية"، أثارها أولاً داود الروئي، الذي وعد يهود العراق بأن الملائكة سوف تنقلهم على أجنحتها إلى القدس، وأنه سوف ينهب يبت مال المسلمين في بغداد، ويعيد بناء أسوار القدس طوبة من فضة وأخرى من ذهب، ولذلك عندما هدم هولاكو بغداد وسواها تحدثت عنه بعض المصادر باسم "داود" وليس هذا مثيراً لوحده ولكن الأعظم إثارة ومعنى المشاعر الإسلامية التي امتدت من خراسان حتى ما بعد مصر، حيث ربطن بيم تحرير مدينة عكا عام 1291م، وزوال التسلط اليهودي على الدولة الإيلخانية. إقرأ المزيد