شرق الخصوصيات شرق العولمة
تاريخ النشر: 01/12/2004
الناشر: المنشورات الحقوقية صادر
نبذة نيل وفرات:مع إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي، أي مع طي نصف قرن من الملفات والشعارات، ومن البطولات والخيانات، ومن الخيارات الصائبة والرهانات الخاطئة، يدخل الشرق الأوسط سديم "الفراغ" السياسي. على كل حال لم تتعرض منطقة في العالم إلى مثل ما تعرض له الشرق الأوسط من نصف القرن الماضي على الأخص، فشهدت، في ...وقت واحد، إشكالاً عديدة من الضغوط والمطامع الخارجية، وأشكالاً مختلفة من التفكك والفوضى في الداخل. مثّل القرن العشرون في العالم العربي عصر نهضة اللغة والأدب والأيديولوجيا، لكنه عكس في المقابل حجم "التشظي" السياسي والاجتماعي الذي أثقل العرب في كل اتجاه إذا شكل قيام إسرائيل خطاً فاصلاً بين نصفي القرن الماضي، فتاريخ العرب في المرحلتين لم يجسد حضوره هوية بمقدار ما كان يسجل ردات فعل هذه الذات مع الخارج الذي ما كفّ عن الدخول والتدخل والتداخل في هذه المنطقة. فالشرق الأوسط لم يعبّر في العصر الماضي عن ذاته إلا من خلال كونه "جسراً" للتجارة وللحروف وللنفوذ يربط بين ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا. لفّ العالم العربي طوال القرن المنصرف إعصار "التجاذب" 1-في الإطار العالمي؛ فبعد التخلص من العثمانيين وقع العرب في لعبة التجاذب بين أولاً فرنسا وبريطانيا ثم وبعد هزيمة حزيران في 1967 انتقل العرب وفي النصف الثاني من هذا القرن إلى التجاذب ما بين النفوذ السوفياتي والنفوذ الأميركي ثم إلى التجاذب ما بين التطبيع مع إسرائيل والهيمنة الأميركية بامتياز لينقسموا مؤخراً بين عرب أميركا وعرب إسرائيل، 2-في الإطار الحضاري: عقدة النهضة العربية أنها انشغلت في تجديد "الماضي" أكثر من اتجهت إلى تحديث المجتمع، 3-في الإطار السياسي لم يفلح العرب عن حاله أو عن الاشتغال بحاله. وقد اتخذت التأثيرات الدولية ثلاثة أشكال متلاحقة أو متداخلة: 1-الاحتلال المباشر لمعظم أراضي هذه المنطقة (صيغ الاحتلال والانتداب والقواعد العسكرية)، 2-توزع الكيانات العربية بين أحلاف متصادمة أو تكتلات متناحرة، 3-تتصيب سلطات محكية تتولى، بطريقة أسوأ من الاحتلال، أمور بلدانها وبعبارة مختصرة فإن الشرق العربي منذ انتفاضة الأقصى واحتلال العراق، أو قل منذ مفترق 11 أيلول 2001، تجرفه حقبة نزف الأنظمة ونزف الجماهير معاً، بينما إسرائيل تتقدم لتغدو واقعاً مكرساً ولاعباً أفضل في مسار المنطقة ومصيرها.
وبعد هذا، بالإضافة إلى ما في جعبة الكاتب من التوصيفات والتحليلات السياسية المعمقة التي تستشف واقع الخواء العربي الذي انتهت إليه عقلية سلطة استنفذت ذاتها، واستنزفت مجتمعاتها وقضايا الكبرى، بالإضافة إلى تلك الأبحاث والنقاشات والتجربة الشخصية، يحاول الكاتب وفي نهاية المطاف أن يلفت الأنظار باتجاه العبور العربي من "الإدمان على الأزمات" إلى "حوار الحلول" تأسيساً لمشروع سياسي-ثقافي-اقتصادي شامل. وأخيراً يقول الكاتب، ورغم الانتقادات التي هي بناءة في ثنايا كتابه هذا، إلا أنه يؤكد ويؤكد على أن الكتاب ليس ضدّ أحد، بل هو نداء لكي نصبح كلنا لا أحد!!! وملاحظة لا بد من إبدائها؛ فإن ما يجري في العالم العربي في الوقت الراهن من أحداث وتجاذبات بصورة عامة، وما هو مستجد في لبنان من أحداث في هذه الأيام بصورة خاصة، جاء توصيفه وتنظيره من قبل الكاتب والذي يغني القارئ بالكثير من التحليلات السياسية التي تكشف في واقع الأمر عن خلفيات ما يجري وربما ما سيجري على الأرض اللبنانية، واضعاً كل الأمور في نصابها الحقيقي، كما في كل الأمور التي تناولها في كتابه هذا. إقرأ المزيد