تاريخ النشر: 01/12/2004
الناشر: دار مختارات
نبذة المؤلف:في واحد من اللقاءات التي خصني بها الرئيس نبيه بري، طرحت فكرة إجراء تحقيق صحافي معه بعنوان "نبيه بري يتذكر".
كان ذلك في بداية شهر آب من العام 2001.
يومها، جاء جواب الرئيس سريعاً وحاسماً: "لا أريد أن أفتح علي أبواباً مغلقة، لقد أخذت عهداً على نفسي بألا أعطي أحاديث أو مقابلات ...صحافية، مع أحد، دون أحد، حتى لا يزعل أحد".
وسكت لحظات، ثم تابع: "... كما أن التذكر يحتاج إلى وقت وفضاوة، وصفاء ذهن، وتفرغ، وفوق ذلك كله، هناك مشكلة كبيرة وهي أنني "مش مدوّن شي عن اللي صار معي".
عقلت في ذهني الجملة الأخيرة، ووجدتني أقنع نفسي بأن الشق الثاني من الجواب يجمل في متنه موافقة مبدئية، فصرفت التحقيق نهائياً، وأحللت مكانها فكرة أكبر وأشمل: إعداد كتاب شامل عن نبيه بري، تجول فيه الذكريات من البداية إلى مختلف التفاصيل التي شهدتها مسيرة صعوده.
وانصرفت إلى تجهيز العدة الأرشيفية لبناء هذا الكتاب، فتيسرت من مصادر مختلفة ومن أرشيف جريدة "السفير" على وجه الخصوص.
ومع جهوز مواد البناء، لم يعد ينقص سوى المباشرة في رحلة التذكر مع الرئيس نبيه بري، لكنني اصطدمت بسؤال: كيف ومتى وأين؟
في تلك اللحظة، شعرت بأنني قد بالغت كثيراً في افتراض الموافقة، وأنني سبحت بعيداً في الخيال، لا بل غصت فيه عميقاً وأفرطت، لدرجة خلت نفسي أمسك الكتاب في يدي أقلب صفحاته؟!
ثم وجدتني أكسر على نفسي، وأتساءل وأجيب: لا سابقة لي في مجال إعداد الكتب، فهل يمكن أن يجازف نبيه بري ويقبل، لا أعتقد. ثم أين أنا الصحافي التلميذ، أمام أرباب القلم وملوكه من كبار الكتاب والأساتذة الصحافيين. ولو شاء الرئيس أن يتحدث عن ذكرياته، لاختار، على الأقل، واحداً من بينهم.
وتوالت الأيام، حتى الخميس في 20 كانون الأول من العام 2001، في هذا اليوم استأذنت للقاء الرئيس بري بهدف الحصول على مادة صحافية، وفي خلال الحديث طرحت فكرة إعداد الكتاب وليس مقابلة صحافية، ودار بيني وبين الرئيس بري، ما يلي:
قلت: لدي فكرة طموحة، أرغب في أو أطرحها على دولتك.
قال الرئيس بري: خير؟
قلت: سبق وطرحت على دولتك فكرة تحقيق صحافي تتذكر فيه بعض المحطات التي شهدتها مسيرتك السياسية، لست أطلب الآن مقابلة صحافية، بل لدي فكرة إعداد كتاب شامل عن نبيه بري، يحكي عن كل التفاصيل من البداية، ويشكل بالتالي مرآة تقول بوضوح من هو نبيه بري؟
لم ترسم تقاسيم وجهه علامات ممانعة، بل قرأت التجاوب خصوصاً بعدما قال: لكن المشكلة هي أنني مش كاتب شيء.
فأسرعت إلى القول: أنا كاتب.
تعجب وسألني: شو كاتب؟!
قلت كل شيء جاهز، والمواد الأرشيفية موجودة بالكامل، وكل الأسئلة حاضرة.
عندها ضحك وقال: اتكل على الله، بكرا 12.30 ظهراً في عين التينة.
لقد فاجأني، فضحكت كل أركاني في الحقيقة كان شعور لا يوصف.
واعتباراً من ظهر الجمعة 21 كانون الأول 2001، انطلقنا معاً في ورشة بناء هذا الكتاب، وكانت رحلة تذكر شيقة وممتعة، في جلسات مطولة توزعت بين مقر إقامة الرئيس في عين التينة، وتحت الصفصافة في حديقة دارته في المصيلح، ومكتبه في مجلس النواب، وامتدت، بشكل شبه يومي، حتى 24 تشرين الأول من العام 2002/ وسجلت وقائعها على اثنين وتسعين شريط كاسيت، يحكي فيها نبيه بري عن نبيه بري، بدءاً من لحظة الولادة، إلى النشأة، إلى المدرسة، إلى إفريقيا، إلى الجامعة، إلى المحاماة، إلى السياسة، إلى موسى الصدر، إلى سوريا، وإلى كل التفاصيل اللبنانية، والمحطات السياسية والأزمات التي شهدها لبنان، وأدوار مختلف الأطراف فيها وصولاً حتى انتصار العام 2000 والانسحاب الإسرائيلي إقرأ المزيد