محاكمة كوهين الجاسوس الإسرائيلي في دمشق
(0)    
المرتبة: 35,352
تاريخ النشر: 01/01/1995
الناشر: منشورات الدار الحديثة
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:إيلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي في دمشق لماذا ذاع صيته إلى هذه الدرجة؟
إن الإجابة على مثل هذه الأسئلة وسواها تفرض علينا أولاً وقبل كل شيء أن نتعرف على الأجواء السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة.
فقد كان نظام الحكم في سورية أثناء تلك الفترة على خلاف كبير مع العديد من ...حكام الدول العربية مثل مصر والأردن والعراق. وكانت عملية الكشف عن شبكة كوهين الجاسوسية في بداية العام 1965 بدمشق بمثابة فرصة ذهبية لأجهزة الإعلام المضادة لنظام الحكم القائم بدمشق. فراحت تثير الشكوك والريبة لدى المواطن العادي تجاه السلطة الحاكمة. وتبالغ من جهة أخرى بالحجم الحقيقي لشبكة كوهين الجاسوسية حتى جعلت منه بواسطة الشائعات التي تبثها هنا وهناك سوبرماناً قادراً على الوصول إلى أي مركز من مراكز السلطة، حتى أن الشائعات بلغت درجة من المبالغة جعلته مرشحاً لمنصب وزير في الحكومة القائمة إضافة إلى أن تلك الأجهزة الإعلامية حاولت أن تشوه سمعة العديدين من رجالات السلطة آنذاك وتدينهم بالتورط لصالح هذه الشبكة. علماً بأن جلسات المحاكمة كانت تبث على شاشة التلفزيون مباشرة، وكانت لكوهين حرية التعبير عن رأيه بكل صراحة وصدق. وقد نفى كوهين ذلك نفياً قاطعاً كما سنرى أثناء سير جلسات المحاكمة.
ومن هنا يتبين لنا أن الضجة العالمية لقصة كوهين وتضخيم الدور الذي كان يقوم فيه إنما يعود لدور أجهزة الإعلام العربية المغرضة، وليس لمقدرة كوهين على القيام بالأعمال الخارقة التي كانوا يزعمونها.
وننوه هنا إلى أن إسرائيل بالذات استفادت بدورها من الإعلام العربي الذي يظهرها بمظهر الدولة الذكية والقادرة على اختراق القيادات العربية ومعرفة أسرارها. حتى أنها عندما أنتجت فيلم السلام المستحيل الذي يتحدث عن قصة كوهين استفادت من الشائعات التي انتشرت آنذاك وضخمت من دور كوهين وجعلته وحسب رواية الإعلام العربي المضاد ذلك العملاق الذي كان يفرض سلطته على العديد من رجالات السلطة الحاكمة بسبب تورطهم معه.
إضافة إلى هذا، وبعدما صدر حكم الإعدام بكوهين كان المشككين يراهنون على قدرة النظام على تنفيذ الحكم بكوهين زاعمين أن الحكومة السورية لا تملك من الجرأة ما يكفي لذلك، خاصة وأنها كانت تتعرض للكثير من الضغوطات العالمية لمنع تنفيذ الحكم، حتى أن هناك شائعات كانت أكثر تهكماً مما سبق كانت تفيد بأن سورية قامت بتسليم كوهين إلى السلطات الإسرائيلية مقابل صفقة خاصة.
ولكن تنفيذ حكم الإعدام بذلك الجاسوس بساحة المرجة بدمشق كان كافياً لإسكات كل تلك الشائعات.
والآن، وعندما يعاد نشر جلسات المحاكمة بعد حوالي ثلاثين عاماً من حدوثها فإنما يراد من وراء ذلك إلى إعطاء القارئ العربي فرصة جديدة لإعادة تقييم وفهم ما جرى بعيداً عن أي تأثير إعلامي مضاد. إقرأ المزيد