ملحمة المفاهيم 5، لغز الطوارق يكشف لغزي الفراعنة وسومر
(0)    
المرتبة: 144,308
تاريخ النشر: 01/07/2004
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يقول إبراهيم الكوني في معرض حديثه عن لغز الطوارق الذي هو بحث مستمد عنه أنه وفي الأجزاء الأربعة التي جاءت تحت عنوان "بيان في لغة اللاهوت" طاف الكوني الأوطان للوقوف على سرّ الأمكنة، تاركاً بوابات التاريخ لاستجلاء الطلسم في أسماء الآلهة، وارتاد جزائر البحور نابشاً أساطير الأجيال لاستكشاف قوانين ...اللسان المنسي الذي أطلق عليه عن جدارة "اللسان البدئي" والذي لم يكن ليكشف له عن نفسه لولا وجوده حياً في لسان قبيلة ميتة أو هي على وشك الموت، كما هو الحال مع لسان طوارق الصحراء الكبرى الذين وإن هددتهم العزلة وقساوة الطبيعة بالانقراض على مرّ العصور؛ إلا أن لهذه العزلة بالذات يرجع الفضل في فوزه اليوم بذلك الكنز النفيس الذي كان هاجس الإنسانية دائماً في بحثها الدائم عن سرّ اللسان المجهول الذي انبثقت منه بقية الألسن الحيّة منها والميتة، على حد سواء.
وعلّ نبوءة شبنغلر الفذّة عن اللسان المنسي والمشلول والحامل في الوقت نفسه لحقائق الكون الخالدة والتي أوردها الكوني استشهاداً تصدّر الجزء الأول من هذا البيان "بيان في لغة اللاهوت" هي بمثابة البرهان على قدرة التأمل على استجلاء الحقيقة المحتجبة، والتنبؤ بها حتى لو لم تدركها الأجيال إلا بعد إدبار أجيال وأجيال. أما الجزء الخامس الذي هو بين يدي القارئ الظامئ إلى الحقيقة (حقيقة الوجود المخفية في اللغة) فإنه يتناول مسألة المفاهم التي تعمّد الكوني أن يطلق عليها نعت "الملحمة"؛ لأن في ثناياها تتبدى الجذور الحسيّة لأخطر المفاهيم المتداولة في ألسنة اليوم سواء أكانت دينية أم فلسفية، أم وجودية، أم ميتافيزيقية، وهو ما يبرهن بما لا يدع مجالاً للشك في أن إنسان البدايات الذي وجد نفسه أعزلاً، معتزلاً، وحيداً، مغترباً، في متاهات هذا العالم، لم يجد حيلة يعبر بها عن محنته هذه سوى الظاهرة في بداية عهده بتجربة الوعي المبكر. وهي تجربة، على رغم براءتها، إلا ليس من البالغ إذ تمّ نعتها بالعبقرية.
وعلّ المتتبع للأجزاء الأربعة السالفة في البيان سيشهد لها بذلك ومن أهم شواهد هذا الدهاء هو ابتسار الكلم إلى حدّ جعل مما يُحسب اليوم جملة كاملة في اللسان المؤسس لتجربة الوعي في بعدها الديني، فصار هذه السرّ من أبلغ الأسرار التي غابت عن الدهاة وضللت الحكماء عن حقيقة لغة العالم الأصلية.
ذلك أن أهل البدايات كانوا ينطقون الحرف الساكن الواحد ككلمة معزولة لها دلالتها المستقلة وذلك بإضافة حروف صوتية لها سواء في بداية الكلمة أو في نهايتها. وإذا كانت النزعة التركيبية هذه هي حجر الأساس في الغموض الذي اكتنف هذا اللسان عبر الأزمان، فإن الإبدال، أو ما يسميه نحاة العربية "التعاقب" قد لعب دوراً آخر لا يقلّ خطورة عن استخدام الحرف الساكن الواحد للتعبير عن الكلمة، وبدون الإلمام بهذا القانون يستحيل فك طلسم اللسان البدائي.
ويتابع الكوني قائلاً أما الركن الثالث في مسيرة اغتراب هذا اللسان فيكمن في ما يمكن تسميته بـ"الهاجس الديني" أو الوعي الديني بالعالم كما الملاحظ في الأجزاء السابقة، وكما سيرى القارئ في هذا الجزء بالتحديد. وهذه الوسوسة المقدسة كانت لإنسان التكوين حافزاً لا لنحت المفاهيم وحسب، ولكن دافعاً لإنجاز ما يسمى بلغة اليوم حضارة أيضاً.
وقد رأى الكوني في معالجته لمفهوم المدينة كما تطرحه العقيدة البدئية كيف تدرجت الحاجة إلى العمران من الحاجة إلى دفن الموتى الناجمة بدورها عن الوسواس بقداسة الجثمان الذي كان مجرد جثة تلقى على قارعة الطريق في المراحل الأولى. وتطور الوعي الديني هو الذي ألهم إنسان التكوين إلى حيلة الدفن، والمدفن وتحول مع مرور الزمن ضريحاً أبدع الإنسان في بنائه والضريح تحول إلى معبد والمعبد شد أهل الأيمان إلى الاستقرار ثم العمران.
ويقول إبراهيم الكوني وعلّ صحبان الحقيقة سوف يجدون في هذا الجزء سرّ الحقيقة في طورها التكويني، وفكاً لطلسم طائفة كثيفة وردت ملغزة ومحفوفة بالغموض في أسفار العهد القديم ومتون أساطير العالم القديم من خلال تناول الحرفين الأولين من أبجدية لسان التكوين (الباء والجيم) على أمل إنجاز بقية الأحرف في القادم من الأيام. إقرأ المزيد