تاريخ النشر: 01/04/2004
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:إن اهتمام وسائل الإعلام بالعراق على مدى العقد المنصرم قد تمحور إلى حد كبير حولا لرجل القوي الذي أدار شؤون البلاد على مدى ثلاثة وعشرين عاماً الأمر الذي تمّ استغلاله لصالح ذلك الإعجاب المفرط بشخصه وهو إعجاب كاد يقارب العبادة، وهو ما عمد شخصياً إلى رسمه حول ذاته بدعم ...وتعزيز من لدن القادة السياسيين الأمريكيين الذين تمكنوا من تحويل اسمه إلى كلمة ذائعة الشهرة. ولكن هناك عراق يتجاوز صدام حسين: عراق لم يسبق مجىء هذا الرجل إلى مسرح الأحداث فحسب؛ بل يتواصل بقاءه فترة طويلة بعد أن يكون صدام قد وُضِع في منزلة أدنى على هامش مسيرة التاريخ. وهو ذات العراق الذي ينصرف هذا الكتاب إلى تناوله: أي العراق الذي يعيش معاناة مؤلمة، ويشهد اليوم حالة تغير وتقلب مستمرين.
ويقول المؤلف جوزيف براودي بأن هذا الكتاب يتعلق بالقارئ أيضاً، إذ أن عراقاً مثالياً ومتميزاً، وذا جذور تمتد بعمق إلى فجر الحضارة الإنسانية، قد جسد واقع الإنسان الاجتماعي على نحو لا يمكن إزالة أثره. فقد أورثه الجسور التي يمر عليها، والأنفاق التي يجتازها، ومبادئ القانون التي يلتزم بها، والعديد من القيم والتقاليد الدينية التي ترتكز عليها معتقداته بالله جلّ جلاله ويتابع المؤلف قائلاً بأنه وفي ساعات الضياء الأولى من فجر القرن الحادي والعشرين، يسلك قسم كبير من العالم مساراً يستهدف إعادة اجتذاب اقتصاد العراق، وشرائح مجتمعه وعناصره السكانية وصولاً إلى تحول ستكون فوائده متبادلة بالتأكيد.
إن تحقيق فهم تام بعراق اليوم، والذي هو هدف المؤلف في كتابه هذا يشكل خطوة أساسية أولى على طريق التخطيط من أجل التعاطي مع هذا البلد في إطار المسعى الذي يستهدف بناء الدولة. إن المشروع سيستهلك موارد ضخمة من دول عديدة بدءاً بالولايات المتحدة الأمريكية؛ وفي إطار هذا المعنى فإن الممارسة تهم الجميع، ولا يقتصر أمرها على الخبراء في شؤون الشرق الأوسط وصنّاع السياسات. إن تعامل المجتمعات الغربية مع الأشياء باعتبارها مكوًّنة من وحدات متعددة يتميز بعضها عن البعض الآخر تثير مخاوف وهموم حول وجود قلة من "الخبراء بأمور العراق وشؤونه" ممن هم في متناول اليد، إن صح هذا التعبير، وممن بإمكانهم مساعدة الدبلوماسيين والعسكريين أثناء تعاملهم مع العراق في السنوات المقبلة.
وبهذا الصدد، فإن هذا الكتاب يهدف إلى توسيع رقعة الشخصيات التي يمكن إشراكها في العمل، وذلك من خلال جذب مختلف العناصر ذات الاختصاص، ومروجي المشاريع الكبيرة ومريديها، وتشكيلة واسعة من المنظمات غير الحكومية، والفنانين لغرض التعامل مع نظرائهم لعراقيين. من هنا يمكن القول بأن هذا الكتاب جسر يربط بين جماعات عديدة من القراء. فصناع السياسات بحاجة ماسة إلى رؤية شاملة لمجمل التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يواجهها العراق، وهو ما يقصد الكتاب هذا طرحه. وبالنسبة للقراء في العالم العربي، فإن الكتاب هذا يعكس وجهة نظر فرد أمريكي من أصل عراقي حول توجهات جديدة تنشد تجسير الفجوات الثقافية والاقتصادية. أما بالنسبة للقطاع الخاص، فالكتاب يطرح الفرص الكبيرة للأعمال التجارية التي يقدمها العراق، كما يطر في الحين ذاته التحديات التي تنفرد بها البيئة العراقية بشكل خاص، فضلاً عن ذلك فإن هذا الكتاب يبين أن عملية الإسهام في العمل، والانشغال به على نحو فاعل ومثمر، تعني القيام في كل خطوة من الخطى التي تنشد تحقيق تنمية النشاطات والأعمال التجارية بإعطاء العراق ما يعود له منها، وتمكينه بذلك من التمتع بما تعود عليه منها من فوائد.
وأخيراً يخاطب هذا الكتاب شعب العراق لا أولئك الذين يعيشون اليوم داخل حدود فحسب، بل وكذلك أولئك الذين يشكلون جاليات الشتات والبالغ عددهم أربعة ملايين شخص، فضلاً عن ذلك، يؤمن الكتاب للعراقيين الموجودين في داخل حدود العراق مجالاً يمكنهم من خلاله تحقيق فهم يتعلق بالعالم الذي يحيط بهم، والذي تمّ عزلهم عنه على مدى فترة تجاوزت عقداً من السنين، وكيف يمكن لهذا لعالم أن يكون مصدر دعم كبير في مضمار إعادة بناء بلدهم. ومن خلال هذا الكتاب أيضاً، سيدرك العراقيون الذين يفكرون ملياً باحتمال العودة إلى وضعهم من منافيهم التي قضوا فيها سنوات، بل عقوداً، أهمية الدور الذي يتوجب عليهم القيام به. إقرأ المزيد