تاريخ النشر: 01/04/2004
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية
نبذة نيل وفرات:هذا كتاب لغوي، وضعه العلامة الشيخ أبو محمد عبد الله جمال الدين بن أحمد بن هشام الأنصاري، المولود بالقاهرة سنة (708هـ-1309م). وقد تتلمذ مؤلفه على أيدي علماء عصره كابن السراج، وأبي حيان، والتبريزي وابن جماعة وغيرهم. وقد اتقن اللغة إتقانا فاق فيه أقرانه وشيخوخة من معاصريه، حتى جابت شهرته ...الآفاق وصار اسمه على كل شفة ولسان، وفيه قال ابن خلدون: "ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه".
ولابن هشام تصانيف جمة، منها: الجامع الصغير، والجامع الكبير، وشذور الذهب، وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، وشرح اللمحة لأبي حيان، وعمدة الطالب، ومغنى اللبيب، والروضة الأدبية وقطر الندى وبل الصدى وغيرها، حتى عد له ثمانية وعشرون مؤلفاً. وكانت وفاته سنة (761هـ-1360م) بمصر، رحمه الله تعالى. ويعتبر كتاب "قطر الندى وبل الصدى" الذي نحن بصدده، جامعاً لأغلب أبواب النحو الأساسية، لكن مؤلفه أغفل بعضها كالعدد الترتيبي مثلاً، واختصر بعضها الآخر اختصاراً يجعل المعنى-في كثير من الأحيان-مبهماً، يحتاج إلى مزيد من الشرح والإيضاح، كما هو الحال في باب المفعول المطلق وباب الحال، خاصة وأن هذا الكتاب وضع أصلاً للمبتدئين في عصره، كما أنه أضاف إلى الكتاب أبواباً لا علاقة لها بالنحو كباب الإملاء وباب الوقف.
وقد حذا ابن هشام حذو علماء عصره في شرح كتابه، حيث كان يأتي بالقاعدة، ثم يعمل على إيراد الشواهد، سواء من أشعار العرب، أو من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، إلا أنه كان-في أغلب الأحيان-لا يعين موطن الشاهد، ويترك للقارئ مهمة تعيينه. وإذا علمنا أن كثيراً من الأبيات الشعرية والآيات والأحاديث تجمع أكثر من قاعدة في الشاهد الواحد، أدركنا الصعوبة التي تكتنف المتعلم في استنباط القاعدة، كما أنه أورد بعض الشواهد لشعراء عباسيين لا يحتج بشعرهم كالمتنبي وأبي نواس.
وكان ابن هشام-في كثير من الأحيان-يقف أمام قاعدة موقفاً محيراً، فلا هو مع الكوفيين ولا هو مع البصريين، فكان لا بد لي من العودة إلى رأي جمهرة العرب لإيضاح ما اتفقوا عليه.
وقد حاول "السجاعي" تلافي هذه السقطات، آخذ بالشرح مرة وبالتعيين أخرى، كما كان يورد مداخلات وآراء لبعض علماء النحو ممن تربعوا على عرش اللغة آنذاك، كالأنبابي، والسهيلي، والدلجموني، والملوي، والفيشي، والدماميني، والمرادي، والحوفي، والبهوني، والشنواني، والرضي، وابن مالك، والعصام، وغيرهم، كما كان يستخلص بعض القواعد من أمهات المراجع المعروفة آنذاك، كالمغني، والمغرب، والخلاصة، والتسهيل، وألفية ابن مالك وسواها، كما كان في كثير من الأحيان يعطي رأيه في حسم قاعدة أو توضيح أخرى.
ومن الملاحظ أن السجاعي كان مولعاً في نظم القواعد على غرار ألفية ابن مالك تسهيلاً لحفظها، كما هو الحال في الموصول الحرفي، والمبتدأ وحذف الفاعل والمصدر، والمعرب والمبني، وتقسيم الكلام، وأقسام لما، والممنوع من الصرف وتقدير حركات الإعراب وغيرها. ورغم كل ذلك فقد ظل عمله مفتقراً إلى الوضوح وخاصة عند المبتدئين، الأمر الذي حملني إلى إعادة الشرح، وتعيين مواطن القواعد وصولاً إلى الغاية المنشودة.
وحاشية السجاعي هذه مطبوعة في مصر طباعة قديمة تكاد تكون غير مقروءة، كما أنها تفتقر إلى إشارات الوقف والحركات، الأمر الذي يصعب معه قراءتها حتى علة المتخصصين في هذا العلم، لذلك عمد "عرفان مطرجي" إلى ضبط المتن والحاشية بالحركات المناسبة، كما أضاف إلى الحاشية بعض المقاطع بعنوان "فائدة" في بعض المواضح توضيحاً لما ورد من قواعد وشواهد، وأما ما يختص بالآيات القرآنية، فهي من المتن كما في الحاشية مغفلة السورة والرقم، لذا عمد المحقق إلى تعيينها سورة ورقماً، وكذلك الشواهد الشعرية، فقد حدد أوزانها، وعين قائل كل شاهد منها. إقرأ المزيد