تاريخ النشر: 01/01/2002
الناشر: دار البراق
نبذة نيل وفرات:بات كل شيء وشيكاً على الجحود، وأن القرن الحالي سيرث من سلفه سياسات مفككة ونزاعات إقليمية ودينية وسوف ينتج عن ضمور قضايا حقوق الإنسان ما هو أكثر ضراوة وقسوة تشهدها بلدان العالم الثالث حيث تمثل إغفال خصوصيات تتعلق بالحقوق المدنية التي ينص عليها الدستور في عدد من الأمكنة ذات ...السيادة المعتلة. ونقرأ عن الأزمنة؛ الزمن العربي لم يكن إلا خارجها لذا نجده بخاصيات مختلفة، تلمحه ضئيلاً إلا أنه عدواني بأبشع مستوياته، فهل أسست أزمنته المتعاقبة حواراً حقيقياً أم تعمّدت إقصاء الأدوار عبر متاهات، مهما تعدّدت هذه الأدوار فكرية أم سياسية، دينية أو طبقية، قومية كانت أو عرقية؟ وإلا بماذا نبرر أن تثار في الأعوام الأخيرة قضايا حقوق الإنسان شرطاً أساسياً للحوار معه؟ يخفي هذا "الشرط" مطالبة للتمثل باسم غير أقلية واعتبارها مشكلات إقليمية مما يؤدي إلى تسوية عديد من القضايا الحقوقية عبر تجزئة جغرافية تديرها قوى كليانية عظمى. إن التدخل في شؤون دول دون دول أخرى خير دليل على هشاشة البنية السياسية لهذه الدول. العالم يتجه إلى الجحود، المشاريع الثقافية والفكرية الهامة بدأت بالانحسار، سلطات معرفية تنتج مريدين ورموزاً فكانت بدورها أخطر مما تقوم عليه أنظمة عسكرتارية. تلك كانت تأملات أحمد سليمان في الألف الثالثة تأملاته تمهلت إشكاليات عربية في عمق الفكر العربي، هي سياسية اجتماعية اقتصادية... إلا أنها بمجملها حملت طابعاً يتجاوز حدود العام إلى الخاص، واللامعين إلى المعين، هو يتعين بالمثقف الذي يشكل من خلال دوره الفعّال في مجتمعه محور هذه الإشكاليات.
ومن هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب المفتوح "جدل الآن" الذي شارك في إعداد مادته مجموعة كبيرة من المثقفين العرب، وذلك من خلال أفكارهم التي مثلت تيارات فكرية مختلفة، وعنت بقضايا شتى (سياسية، اجتماعية، اقتصادية، أدبية، دينية...). من هنا يمكن القول بأن لهذا الكتاب موقعه الهامّ في دائرة العطاء الفكري المعاصر، فهو أولاً يعبّر عن هموم المثقف العربي؛ ثانياً يكشف عن جلّ الإشكالات التي يعاني منها الفكر العربي؛ ثالثاً وهو الأهم فالكتاب إنما يعبّر بصورة أو بأخرى عن هوية المثقف العربي واتجاهاته ودواخله ليكون بذلك للقارئ حظ وفرصة للتعرّف على مدى اتصال المثقف بمجتمعه، وعلى مدى قدرته على تبني أفكاره وترجمتها إلى أفعال.
بعبارة أخرى بإمكان القارئ معرفة مدى مصداقية المثقف في طروحاته، وفي ثوابته وفي مرجعياته. ويقول أحمد سليمان القائم على هذا المشروع "جدل الآن" بأن هذا الكتاب الذي يدعو كافة المثقفين للمشاركة فيه إنما هو كتاب مفتوح إذا لم يُبِنْ بلحظته الآنية، هو يعين للآتي من الزمان، ليكون بذلك وكأنما كتبت مادته لوقت لاحق يحاكي قلق المثقف عبر المنعطف التاريخي الخطير في حدود الإرهاب الثقافي والفكري والسياسي، وقت فيه غابت هوامش التعبير الحرّة. وسيلاحظ القارئ تزامن هذه الدعوة مع أفكار ومقترحات تسعى إلى التشكل عبر وعي لا يؤمن بجدل معرف أو مسبوق بوصايا ومنظومات تؤسس حججها وتعمل على انحسار المشروع الثقافي والمعرفي. ولأن مشكلات تاريخية وأزمات حقيقية يرثها القرن الحالي تمنع من كتابة أية صياغة تصورية؛ لذا تعين على هذا الملف ألا يكتمل، بغية أن يكوّن رحابة اختلافه وتمايزه والتزامه بمشروع الحرية وحق الاختلاف اللذين هما من أسس بنيانه وتمرّده بل تعاطيه مع آخر يحاور. إقرأ المزيد