التخييل مفهومه وموقف المفسرين منه قدامي ومحدثين
(3)    
المرتبة: 71,647
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الرازي للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:نشأ مصطلح "التخيل" بمفهومه ودلالاته في دائرة الدراسات الفلسفية والنفسية على اعتبار أنه عملية ذهنية تتجلى في تخيلات وتصورات شعرية تتركب منها صور تتآلف في نسيجها وتتناغم في عناصرها، وموحياتها، التي تقوم في جوهرها على الخداع والوهم والكذب، والتمويه، بغية إحداث التأثير في النفس والانفعال له ثم الاستجابة في ...الواقع والسلوك. ثم انتقل هذا-المصطلح- إلى الدراسات البلاغية واستقر فيها متمثلاً في التشبيهات والاستعارات، حيث كان وصفاً ميز بعضها عن بعض، مثل التشبيه التخلي والاستعارة التخيلية.
بيد أن هذا "التخييل" الذي نال قدراً من سوء الظن به عند الفلاسفة لارتباطه بالخيالات والتخيلات والخادعة، وبما لا حقيقة له... على معنى أنه عجز عن الوصول إلى المعارف الحقيقية العليا، -هذا المصطلح-واجه جدلاً واسعاً من حيث قبوله في البلاغة القرآنية فقد واجه جدلاً أكثر حدة في التفسير وحمل المعاني القرآنية عليه وبخاصة المتشابه في الصفات والأمثال والقصص.
فبينما يرى الزمخشري من المعتزلة، القول به والتوسع فيه تأويلاً وتخييلاً وتمثيلاً، يرى غيره من المفسرين رفض هذا المصطلح "التخييل" والقول به ومن ثم حمل كلام الله تعالى على حقيقته وظاهرة من غير تأويل ولا تخييل، ولا تمثيل مستندين إلى صحة الفعل. والعقل وما تواترت به اللغة العربية من أن الأصل حمل اللفظ حقيقة، ما لم يقم دليل على خلافه ويستحيل تفسير على الظاهر، متذرعين أيضاً بتأكيد فكرة التوحيد ورفض فكرة التعطيل والتجسيم والتشبيه، ومن هؤلاء الطبري، والبغوي، وابن كثير وغيرهم.
غير أن هذا المصطلح مع ما اعتروه من قضايا تتصل بمعيار الصدق والكذب فقد وجد بيئة خصبة عند المتأخرين من المفسرين... والمنشغلين بالنص القرآني والذين أسوا على ما أفادوه في المتقدمين ففصلوا وبسطوا... فمنهم من نقد من هذا المصطلح إلى نفي كثير من حقائق القرآن وخصصه وأمثاله. ورفض واقعيته بحجة أنها من باب التمثيل والتخييل، ومنهم من جعله موضوعا فنياً خالصاً، بعيداً عن الجدل الكلامي، واثبت من خلاله تفوق القرآن الكريم أسلوباً ومنهجاً، مؤكداً إعجازه من هذا الوجه، ومتحفظاً بالعقيدة الصحيحة التي تقوم على التجريد والتنزيه.
هذا الأخذ والرد هو ما دفع الدكتور "مصطفى المثني" إلى الكتابة في هذا الموضوع الدقيق وإلى كتابة دراسته هذه التي بين أيدينا موجهاً إياها إلى طلبة الشريعة قسم الدراسات العليا، وهدفه توضح أبعاد "التخييل" وحقيقته، والتعريف بمناحي القول فيه، والتعريف على غاياته ومراميه ومن ثم الحكم عليه في ضوء قواعد التفسير وأصوله المقيدة، على أن ثمة أمراً هاماً يضاف إلى ما تقدم هو أن هذا المصطلح غدا مدخلاً غير محمود لنفي كثير من الحقائق القرآنية أكدها صحيح المنقول والمعقول.
هذا وقد اقتضت طبيعة هذا البحث في المؤلف أن يقسمه إلى مقدمة وفصلين وخاتمة على النحو الآتي: الفصل الأول عنوانه "بالتخييل مفهومه ودلالته-نشأته واستقراره"، أما الفصل الثاني فأطلق عليه عنوان "مصطلح التخييل ومواقف المفسرين قدمى ومحدثين وهنا قام بالتحدث عن المانعون القول بالتخييل وهم الطبري، البغوي، ابن كثير، الشنقيطي، القائلون بالتخييل: الزمخشري، البيضاوي، أبو السعود، الأولوسي، القاسمي، ابن عاشور، التخييل عن الشيخ محمد عبده وعزة دروزة، التخييل في الفن القصصي في القرآن الحاجة إلى القول بالتخييل ونظرية التصوير الفني في القرآن. إقرأ المزيد