تاريخ النشر: 01/01/2003
الناشر: دار قتيبة للطباعة والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:عندما صدر هذا الكتاب في أميركا عام 1994 عن جامعة ييل، ثارت بين أوساط الكنسيين والمتدينين المسيحيين ضجة كبيرة، وسرعان ما قامت في وجه مؤلفه "إينوك باول" عواصف عاتية من الاحتجاجات، ودار جدل حاد حول مصداقية ما جاء به. هذه العواصف لم تهدأ ولم يستكن أصحابها، حتى كاد الأمر ...يصل إلى حرمان المؤلف كنسياً، أو حتى إلى تعرضه للإيذاء أو التصفية الجسدية. ولولا مكانته العلمية المرموقة، لكان مصير باول أن يغدو قابعاً في أحد السجون، بتهمة الإساءة إلى الدين المسيحي وتشويه المكانة الرفيعة للإنجيل، كتاب المسيحيين المقدس.
ومن يطلع على متن هذا الكتاب، يتوقع أن يرى فيه نصاً هجومياً مارقاً، ينتهج السفسطة والديماغوجية أو العبثية في خطابه الفكري، أو يسلك أساليب النقد المادي الإلحادي للدين، ويحاول عن طريق الديالكتيك الإيديولوجي والمادية الجدلية إثبات بطلان الدعاوى الدينية الميتافيزيقية "المغرقة في مجاهل الغيبيات"-على حد تعبير دعاة الفكر المادي-بغية ترجيح مناهج العلمانية والوجودية أو الفكر المادي البراغماتي كمسلك لحياة المجتمعات المدنية المعاصرة.
غير أن المفاجأة تكون بالنسبة للقارئ أكبر ذلك، ويكون الواقع بالتالية مختلفاً عن التوقع كل الاختلاف.. فقد يبين له أن الكتاب يقدم دراسة أكاديمية جادة ورصينة، لا تحمل أية طروحات اعتباطية أو أساليب توفيقيه موجهة، لإثبات وجهة نظر ما، أو لتهديم حقائق أخرى ثابتة. بل إن المؤلف إينوك باول يبحث في كتابه هذا "تطور الإنجيل" طروحات جريئة حول تاريخ نشوء الأناجيل وفحواها، بالإضافة إلى نقد نصي مفيد يتناول العديد من معطياتها، التي كانت لوقت طويل تعتبر شيئاً بديهياً مسلماً به، فأثبت الكاتب بطرحه العلمي أن هناك جوانب كثيرة منها تحمل أغاليط في تفسيرها وفهمها أو خللاً في دقة ترجمتها، أو في أضعف تقدير، هناك حاجة موضوعية ملحة لإعادة دراستها وصياغة ترجمتها، بنزاهة ومنهجية علمية دقيقة بعيدة عن الأهواء والإنحيازات، المتعاطفة منها أو المتحاملة.
تلخص عمل المؤلف في مهمة، اعتبرها تأتي في الدرجة الأولى بسلم الأولويات، ألا وهي إعادة النظر في ترجمة إنجيل متى من اللغة اليونانية (وهي اللغة الأصلية التي كتب بها) إلى الإنكليزية. فقام بإعداد ترجمة جديدة لهذا الإنجيل، ولا ريب أنه من خيرة المؤهلين للقيام بعمل من هذا النوع، على اعتباره مختصاً باللغة اليونانية وفقهها وآدابها، وكان قد تعاني تدريس هذه اللغة في غير جامعة ومعهد علمي (خاصة جامعة سيدني في نيو ساوث ويلز بأوستراليا)، فكان له في مضمار التفقه بها الباع الطويل والدربة البليغة التي لا ينكر حقها ناكر.
بعد ذلك، قام باول بدراسة نقدية وافية، بين فيها آراء قيمة حول فحوى إنجيل متى، وتتبع بدقة مواطن النقل، منه وإليه، ما بينه وبين الأناجيل الثلاثة الأخرى المعترف بها، فأثبت بدلائل علمية مدعمة بالقرائن عدة حقائق، كانت غائبة عن علم أكثر الباحثين من قبل:
1-أن إنجيل متى يعتبر أقدم الأناجيل المعروفة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) وليس إنجيل مرقس أقدمها كما كان الشائع مسبقاً.
2-أن هناك متنا سابقاً للإنجيل قد اختفى، أو تم اختفاؤه عمداً، فضاعت آثاره. وأن المتن الحالي لإنجيل متى-أقدم الأناجيل-إنما يرجع إلى فترة تقع حولي عام 100 للميلاد فى أبعد تقدير، و ليس قبل ذلك. وكان ذلك العمل تالياً لوضع المتن الأصلي الأسبق، الذي يحدد المؤلف تاريخه بعيد عام 70م. وكل هذه التواريخ-كما هو واضح-جد متأخرة عن زمن حياة السيد المسيح.
قادت هذه النتائج المؤلف إلى استنتاج هام وخطير للغاية، وهو أن النص الأصلي للمتن الأولي السابق للإنجيل، قد تعرض لتحريفات وتعديلان جذرية على متنه، خلال عملية استنباط إنجيل متى منه، وبعده إنجيلي مرقس ولوقا هذه التحريفات والتعديلات أدت-فيما يرى المؤلف-إلى تحريف العقيدة الدينية للإنجيل، لا بل حتى إلى طمسها.
والأهم من ذلك كله هي النتيجة الكبرى التي يخرج بها الباحث المنصف عقب التدارس الطويل والممحص للكتب السماوية المقدسة التابعة للديانات الثلاث: اليهودية المسيحية والإسلام. هذه النتيجة الكبرى ليست سوى الحقيقة الساطعة والمعجزة الباهرة التي تقف أمامها العقول والنفوس مبهورة وعاجزة عن المدافعة والرد ألا وهي القرآن الكريم وحده بآياته الكريمة وصحفه المطهرة يقف نسيج وحده بلا منازع صافياً منزهاً كاملاً مبرءاً كما أوحت به الذات الإلهية بالتنزيل الحرفي الدقيق والكامل والمحفوظ دون أدنى تغيير أو تحريف أو تضاد ترجمة ودون أدنى يد أو رأي أو اجتهاد لبشر على مدى أربعة عشر قرناً مضت وقرون غيرها ستأتي. إقرأ المزيد