منهج البحث في الأدب واللغة
(0)    
المرتبة: 44,824
تاريخ النشر: 01/01/1982
الناشر: دار العلم للملايين
نبذة نيل وفرات:هذا الكتاب يعتبر فريداً في بابه لا لأن مناهج البحث في العلوم لم يسبق التأليف فيها ولكن لأن له ميزة جسيمة على ما يكتب عادة في هذا الموضوع الهام. ومناهج البحث إنما يتناولها، عادة، الفلاسفة إذ يفردون لها في مؤلفاتهم باباً أو جزءاً باسم Methodologie، وفيه يتناولون الأسس الفلسفية ...لكل منهج في كل علم بعد الفراغ من تحليلهم لعمليات التفكير العامة. وإنه وإن تكن لتلك الأبحاث قيمتها إلا أنها في الغالب قيمة نظرية. وذلك لأن كاتبيها فلاسفة لم يتخصصوا في تلك العلوم المختلفة التي يتحدثون عن مناهجها. ولما كانت الممارسة الشخصية شيئاً لا غنى عنه لتسديد الفكر النظري وإحكام مأخذه على الواقع، فإن كتاباتهم يمكن القول عنها بأنها ثقافة عقلية ورياضة للفكر أكثر منها قيادة عملية وتوجيهاً لخطى البحث.
وعلى العكس من ذلك الكتاب الذي نتحدث عنه، فقد طلب ناشره إلى أكبر العلماء في فرنسا أن يكتب كل منهم فصلاً عن منهج البحث في العلم الذي تخصص فيه وأفنى حياته في الكشف عن حقائقه حتى أصبح يتحدث في علمه وكأنه يروي ذكريات خاصة.
ويكفينا أن نشير من بين هؤلاء العلماء إلى أسماء خالدة كأسماء "دركايم" في علم الإجتماع و"مونو" في علم التاريخ و "ريبو" في علم النفس و "سالمون ريناخ" في علم الآثار وأخيراً "لانسون" في الأدب و "ما يليه" في علم اللغة. وهذان الأخيران هما العالمان اللذان كان لنا شرف ترجمة بحثيهما وتقديمهما إلى القراء العرب في هذا الكتاب.
وإذا كانت مناهج البحث العملية موضع إهتمام الغربيين بوجه عام، فإننا نحن الشرقيين أشد منهم حاجة إليها، لعدة أسباب: منها ما يرجع إلى مزاجنا القومي ومنها ما يرجع إلى نظم التعليم في بلادنا. فالشرقيون عاطفيون كثيراً ما تنشر مشاعر الجذب. والنفور على تفكيرهم ضباباً قد يعمي معالم الحق. وفي كثير، إن لم يكن في كافة البلاد العربية، لم تستقم بعد نظم التعليم بحيث تسفر عن عقل مكوّن يحتاط في التأكيد ويحرص على ملابسة الواقع، كما أن التحصيل لا يزال طاغياً فيها على الفهم. وفي هاتين الحقيقتين القاسيتين ما يظهر حاجتنا إلى دراسة المناهج لعلّنا نخرج منها بقيادة فكرية ضرورية.
ومناهج البحث ليست قيادة للفكر فحسب بل هي أيضاً، وقبل كل شيء، قيادة أخلاقية لأن روح العلم روح أخلاقية. وكما يخشى على الفرد الذي يزاول الحياة العملية من الإنحراف عن مبادىء الشرف كذلك يخشى من الخطر نفسه على من يزاولون أعمال الفكر بل ربما كان الخطر أعظم هنا، لأن وقائع الحياة قد ينبعث منها الجزاء. إقرأ المزيد