تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: دار عمار للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا يعرف الكثير من الناس أن اليهود افترقوا على فرق كثيرة متعددة كما افترق المسلمون والمسيحيون، ولقد كان انشقاق بعض هذه الفرق مبكراً في تاريخ اليهودية، وكان منها ما اندثر واختفى ولم يبق منها إلا أخبارها يتلوها علينا التاريخ ويحدثنا عنها، ومنها ما استمر في البقاء إلى العصر الحاضر، ...وفرقة القرائين هي واحدة من هذه الفرق التي ظلت باقية إلى يومنا هذا بعد أن مر على ظهورها أكثر من ألف ومائتي سنة.
ويعتبر انشقاق فرقة القرائين عن اليهودية وإنفصالها عنها في القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي حدثاً من الأحداث الكبرى في تاريخ اليهودية، وكان من الممكن أن تصبح هذه الفرقة من أكبر الفرق اليهودية على الإطلاق لولا أسباب معينة - سنذكرها في ثنايا هذا البحث - حالت دون ذلك وجعلت إتباعها على ما هم عليه من القلة هذا اليوم.
وقد خلّفت هذه الفرقة تراثاً قد يكون من أضخم ما خلفته أية فرقة يهودية أخرى كمّاً ونوعاً، وهو تراث حريّ بالقارئ العربي أن يعرفه ويطلع عليه، ليرى جانباً آخر من جوانب اليهودية التي يقول القراؤون أنهم أحق من يمثلها وأصدق من يتبع أحكامها.
والإسم القراؤون هو الجمع العربي المقابل للعبري "قرائيم" والذي يعنى الذي يقرأون "المقرا" (التوراة) ويدرسونها بكثرة ويعتمدون عليها ويأخذون شرعهم منها.
واعتماد القرائين على التوراة وحدها كان بسبب رفضهم للمصدر الرئيسي الآخر لدى اليهودية وهو "التلمود"، الذي يعتبر لدى عامة اليهود جزءاً مهماً ومكملاً للتوراة، ولذلك اطلق عليه اسم "الشريعة الشفوية" مقابل "الشريعة المكتوبة" (التوراة)، وكان رفض القرائين للتلمود رأس المسائل التي سببت الإنشقاق وبدأته بينهم وبين عامة اليهود والذي ازداد عمقه وتشعبت مسائله بمرور الأيام.
ومنذ الحقبة الأولى لإنفصال الفرقة وإستقلالها عن اليهودية أصدرت هذه الأخيرة قرارات بطردها من اليهودية واعتبرتها فرقة خارجة عنها منشقة عليها؛ وما زالت هذه القرارات نافذة المفعول مستمرة التطبيق إلى يوم ناس هذا...
وتعيش الغالبية العظمى من القرائين اليوم في فلسطين قرب الرملة وتل أبيب، ويقدر عددهم بعشرة آلاف شخص لهم أماكن سكناهم المعزولة عن بقية اليهود الآخرين ولهم عدد من رجال الدين منهم يسمون "حزّانيم" يديرون شؤون حياتهم الدينية ويقيمون عليها، ولهم كذلك أماكن لذبح الحيوانات خاصة بهم ولهم أيضاً محاكمهم وأماكن عباد ولكن قانون الحكومة اليهودية هناك يمنعهم من الزواج من اليهود الآخرين، ومن القرائين مجموعات صغيرة تسكن اليوم بولندا والإتحاد السوفياتي.
ولما كان موضوع هذه الفرقة موضوعاً قلما تطرق له الكتاب العرب والباحثون منهم فقد حاول مؤلف هذا الكتاب أن يلم بأطراف الموضوع ويجمع من شتاته ويتتبع مصادره، من أجل أن يكون القارئ فكرة عن هذه الفرقة وتاريخها ومعتقداتها وما يتصل بها. إقرأ المزيد