أحمد بن حنبل ؛ إمام أهل السنة
(0)    
المرتبة: 213,353
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:الحمدُ لله الذي أنعم على الإسلام والمسلمين بأئمَّةٍ هادين مهدِّيين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّ الرَّحمة، الَّذي تلقَّى وحيَ ربِّه، وبلَّغه، حتَّى أكملَ الله دينه، وعلى آلهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين، وعلى أصحابه الرَّاشدين المرشدين.
وبعد: فما أستطيع أن أدَّعي أنِّي في هذا الكتاب بلغتُ ما أريدُ، ويريد مَنْ يعرف الإمام أحمد حقَّ معرفَتِهِ، ...فلا يحمل هذا القدْر من الكتاب أكثر ممَّا كتبت... فالإمامُ أحمد رجل النِّصف الأوَّل من القرن الثَّالث، فليس من أحدٍ في عصره بلغ من الشُّهرة والثِّقة والإعتقاد ما بلغه، فهو أئمَّةٌ في إمام، ذلك أنَّه كان رحمه الله: إماماً في الورع، إماماً في الزُّهد، إماماً في التعفُّف، إماماً في طريقته الفقهيَّة، إماماً في عقيدته المحافظة، إمام أئمَّةِ الحديث في عصره، إماماً في الثَّبات والصَّبر على أشدِّ البلاءِ في سبيل إنقاذ السُّنَّة وصونها والدفاع عنها، فهو الجبلُ الرَّاسخُ لا تُزعزعُه الأهواءُ، ولا تميدُ به العاصفاتُ... وهو الربَّانيُّ الَّذي أجمع علماء عصره - إلا من لم يعبأ الله بهم - على أنَّه القدوةُ الثَّابتة التي تأطِر النَّاسَ إلى رسالة الله لا عوج فيها ولا أمتاً، وإلى ما كان عليه العملُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضوان الله عليهم، ومن بعدهم من التَّابعين.
وقد عُرفَ الإمامُ أحمدُ وشُهر بأنه إمام مذهب، ومع ذلك أراد بعضُ العلماء أن ينفي صفة الفقيه عنه، وكان هو يحبُّ أن يتجرَّد من هذه الصِّفة، فما كان يرى أن ينقل أحدٌ فقهَهُ وفتاواه، بل ما كان يرى أن ينقل فقه أحدٍ من المجتهدين، فهي آراء قد تصيب وقد تخطئ، فالدِّينُ عنده ما قال الله تعالى، وما قال رسولهُ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ ما أفتى الصَّحابة به، لأنَّهم شهدوا الوَحْيَ، وعرفوا مقاصدَ الشَّريعة، ولا يعتدُّ بعد ذلك باجتهاد أحدٍ ولا رأيه ما لم يكن مُدعِّماً بالكتاب والسُّنَّة.
وما كان يأخذ من القياس إلا الواضحَ، وعند الضرورة؛ كما نصحه بذلك الإمام الشافعيُّ... ومع ذلك فقد كتب أصحابهُ من فتاويه وبعض أصوله نحواً من ستِّين ألفَ مسألةٍ - كما قيل - كانت أساسَ المذهبِ.
ويتميَّز فقهُ الإمام أحمد في العبادات أنَّه لا يخرج عن الأثر قيد شعرة؛ فليس من المعقول عنده أن يعبد أحدٌ ربَّه بقياسٍ أو برأيٍ، وكان رسولُ الله صلى الله يقول: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي"، ويقول في الحج: "خُذُوا عنِّي مناسِكَكُم".
ويتميز في المعاملات أنَّها سهلة مرنة، صالحةٌ لكلِّ بيئة وعصر، فقد تمسَّك بنصوص الشَّرع التي غلب عليها التَّيسيرُ لا التَّعسيرُ.
ولقد ابتُلي بمحنةِ خلقِ القُرآن الَّتي كانت سُبَةَ الدَّهر، تلطَّخَ بها ثلاثةٌ من الخلفاءِ العباسيِّينَ متعاقبين: المأمون، والمعتصم، والواثق؛ وذلك حين أراد أوَّلُهم المأمونُ - بتأثيرِ بعضِ كبار ذوي الأهواء - أن يحمل علماءَ الأمَّة على القول بخلق القرآن، وأدلى المأمون ومن وراءه بحجَّتهم مستكبرين، مستذرين بسيف الخلافة، وقدرتها على الجلد والسَّجن، والتَّكبيل والتَّنكيل... واقتنع بهذه الحجَّة من أُخذ بالرُّعب. إقرأ المزيد