تاريخ النشر: 01/01/1983
الناشر: دار الهلال
نبذة المؤلف:فاعتدلت العجوز المحتالة فى مجلسها ونظرت الى قطام نظرة اهتمام وقالت: "اعلمى يا حبيبتى أن سعيدا هذا قد تعلق بك وأحبك منذ أعوام، ولكنه لم يكن يجسر على التحدث الى أبيك فى شأنك، لأن والدك كان يومئذ فى جملة القائمين بنصرة على، وسعيد كما تعلمين أموى.. أى انه ممن نقموا ...على على وقاموا للمطالبة بدم عثمان، فكان يعلم انه اذا طلبك من والدك يومئذ لا ينال غير الفشل. أما بعد أن خرج والدك -رحمه الله- على طاعة على فى جملة من خرج بعد التحكيم، حدثته نفسه أن يطلبك فتحدث الى فى شأنك مرارا. ولكن والدك كان مشغولا بمحاربة على وشيعته، فلم أتمكن من التوسط له. فلما علم بمقتله ومقتل أخيك.. وا أسفاه عليهما (وتنهدت وهى تتظاهر بمسح دموعها) عاد الى الحديث فى ذلك الأمر. وقد كنت أرده لعلمى بحزنك الشديد، وهو مع ذلك ما زال يتردد على ويستنهضنى ويبذل كل رخيص وغال فى سبيل التمتع بهذا الوجه الجميل. فجاءنى اليوم وأعاد الكرة وبالغ فى التذلل والاستعطاف، فأوحيت اليه انه اذا أصر على طلبه فلابد له من الانتقام لوالدك، فآنست منه ارتياحا.. فأطلت الكلام معه وريحان فى انتظارى خارجا، وهذا هو سبب غيبتى عنك.. فما قولك؟"..
فلما سمعت قطام كلامها استبشرت بتحقيق أمنيتها، وقالت: "وهل تظنين انه يعدنى بالانتقام وعدا شافيا. هل يتعهد لى بقتل على بن أبى طالب؟.. انى لا أقنع بأقل من ذلك"
قالت العجوز: "أظنه يقبل.. ومع ذلك فانى أستقدمه اليك. ونظرا لما أعهده من مهارتك فى أساليب السياسة فانى لا أشك فى انه لن يتردد فى أن يعدك بكل ما تريدينه، ولا سيما اذا أظهرت له ميلا وقلت له انك تحبينه، وتفننت فى مظاهر الدلائل والتمنع، واشترطت عليه انك لن تتزوجيه الا بعد قتل على. فاذا عاهدك على ذلك صبرت حتى يقتله.. فاذا لم يفعل ولقى حتفه كان دمه على رأسه والسلام!"
فأشرق وجه قطام وأحست بارتياح الى هذا الرأى، وقالت: "لا ريب عندى انى أحمله على التعهد.. فاستقدميه لنرى ما يكون. ولكن قولى له انى لم أقبل بعد، وبالغى فى وصف تمنعى وابائى، وأنا أتمم الحيلة" إقرأ المزيد