الأخلاق والسياسة في الفكر الإسلامي والليبرالي والماركسي
(0)    
المرتبة: 128,829
تاريخ النشر: 01/01/1992
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
نبذة نيل وفرات:نعيش في عصر تموج فيه التيارات السياسية المختلفة، وما يتبعها من نزعات أخلاقية أو لا أخلاقية، حتى أصبح عصرنا يتسم بعصر القلق والحروب الصغيرة المحدودة إلى جانب صراع الأيديولوجيات، في الغرب والشرق بسواء. ومنذ عرف الإنسان أنه له تاريخاً، عرف أيضاً أنظمة حكم مختلفة ومتنوعة، عبر هذه القرون الطويلة ...سواء كانت قبل الميلاد أو بعده، تخللتها حروب دامية، جعلت الذهن البشري يتفتق عن حلول ليدعم الاستقرار والسلام في أنحاء المعمورة. وتبعاً لذلك ظهرت الفلسفات التي تدعو إلى أفضل النظم من خلال التربية والأخلاق السليمة التي فطر الله الإنسان عليها.
ولكن رغم هذا الكم الهائل من الفكر السياسي الذي انحدر إلينا عبر تاريخ البشرية الطويل ولا سيما منذ العصر اليوناني وكذلك الخبرات السياسية، وسيطرة النظم المختلفة على مصائر الشعوب في مختلف العصور والأزمنة، فإن الإنسان بوصفه كائناً متمرداً بفطرته على ما يحدد حريته المستندة إلى الغرائز، لا يزال سائراً في غيه وجبروته يريد السيطرة وفرض قوته على الضعيف. ومن ثم فإن الفكر الإنساني لم يفلح في إيقاف المذابح الدامية والمأساوية في كل مكان، وفي أي زمان، كما نرى بالتالي عجز هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقبلهما عصبة الأمم في إيجاد صيغة ملائمة ليعيش إنسان العصر في هدوء بال وحياة ترفل بالسعادة والطمأنينة، مما وضح معه للعيان أن الفكر الإنساني في جانبه السياسي قد لا يتسم بالأخلاقية على وجه العموم، مما يستدعي وضع هذه النظم في محك اختبار أخلاقي، ومن ثم فإن هذه المقولة تحتاج إلى وقفة متأنية لمعرفة صدقها، ومن خلال تطور النظم السياسية، كيف أمكن لبعضها في مختلف الاتجاهات السياسية سواء منها الوضعية أو الدينية، أن يصمد في مواجهة عربدة السلطة السياسية وانحرافها وإهدارها للقيم الأخلاقية، ومن ثم يصبح النظام السياسي آنئذ مطابقاً ومتمشياً مع القيم الأخلاقية.
لهذا جاء هذا البحث ليكشف عن هذه النقط المضيئة في تجربة الإنسان السياسية عبر التاريخ من حيث أن هذه المواقف الوضاءة هي التي تلتقي فيها السياسة مع الأخلاق إنما تعتبر أقرب إلى الندرة منها إلى العموم، جاء البحث في قسمين شملا مقدمة عامة وخمسة فصول، وخاتمة للبحث. أولاً القسم الأول بعنوان: بين السياسة والأخلاق (دراسة تاريخية تطورية) شمل هذا القسم مقدمة عامة تناولت التعريف بمصطلحي الأخلاق والسياسة ومدى ارتباط السياسة بالأخلاق وكذلك مدى ارتباط الممارسات السياسية بالقيم الأخلاقية. أما الفصل الأول فكان عنوانه تطور الفكر السياسي الغربي ومدى صلته بالأخلاق فتناول الباحث فيه فترتين الأولى منذ بدايات العصر القديم حتى مطالع العصر الحديث.
أما الفترة الثانية عن فترة المعاصرة فتناول فيها هيجيل وأثره في السياسة والأخلاق، ليأتي بعده كروتشي وموقفه السياسي والأخلاقي ثم راسل ووعدته للحكومة العالمية التي تحقق السلام المنشود. وأما الفصل الثاني فقد كان حول تطور الفكر الإسلامي السياسي ومدى صلته بالأخلاق. وجاء القسم الثاني تحت عنوان "بين السياسة والأخلاق" وكان بمثابة دراسة مقارنة بين الأصول والتطبيقات التاريخية.
وتضمن هذا القسم ثلاثة فصول هي الثالث والرابع والخامس. دار الفصل الثالث حول الفكر الإسلامي السياسي والأخلاق. والفصل الرابع حول الفكر الليبرالي السياسي والأخلاق والفصل الخامس حول الفكر الماركسي السياسي والأخلاق. ثم جاء خاتمة البحث عرض فيها الباحث دراسة مقارنة لمدى ارتباط السياسة بالأخلاق بصفة عامة ولا سيما في النظم الثلاثة الإسلامية والليبرالية والماركسية. أما بالنسبة للمنهج، فقد استخدم الباحث في رسالته هذه منهجاً تاريخياً موضوعياً يعتمد أولاً على التحليل لاستجلاء المعاني ومراميها لهذه النظم المختلفة، ثم استخدام أسلوب التركيب لإعطاء صورة متكاملة لكل نظام على حدة من خلال الممارسة والتطبيق ومدى صلته بالأخلاق، وأخيراً من الباحث إلى أسلوب المقارنة كي يوضح أوجه التشابه والاختلاف بين هذه النظم الثلاثة. وبذلك يأخذ المنهج من إجماله طابع المقارنة التاريخية القائمة في ثناياها على التحليل والتركيب الموضوعي. إقرأ المزيد