تاريخ النشر: 27/03/2025
الناشر: كليوباترا للنشر والتوزيع
نبذة الناشر:بطل هذه القصة فتى من أهل بابل يُسَمِّيه فولتير«زديج» ونُسميه نحن صادقًا.
وقد كدتُ أضع صادقًا مكان زديج في القصة كلها، ولكني آثرت أن أحتفظ لفولتير باسم بطله كما أراد هو أن يكون، وهذا الفتى البابلي المثقف الممتاز قد اختلفت عليه الأحداث، وتعرض لكثير من المحن في وطنه أولًا، وفي الأوطان ...التي تغرب فيها بعد ذلك، في مصر وفي بلاد العرب وفي جزيرة سرنديب وفي سوريا.
وكانت هذه الأحداث والمحن كلها مخالفة لمنطق الأشياء وطبيعة الحياة كما يراها النَّاس، فقد كان يكافأ بالشر على الخير دائمًا، وكان يستقبل ذلك بالحيرة والإذعان وبالصبر والاحتمال؛ حتى كوفئ آخر الأمر بما يُلائم ذكاءه ووفاءه وثقافته وبراعته وصبره واحتماله، فأصبح ملكًا على الدولة البابلية العظمى.
ففي القصة إذن عرض لمشكلة القضاء والقدر كما يتصورها الشرقيون، أو كما خُيِّل لفولتير أن الشرقيين يتصورونها، وفيها حل لهذه المشكلة على نحو ما تصوره الفلاسفة منذ أقدم العصور.
وهو هذا الحل الذي لا يحلُّ شيئًا، والذي يلخَّص في أنَّ الإنسان أقصرُ عقلًا وأكلُّ ذهنًا من أن يفهم حكمة الخالق الذي أبدع العالم ووضع له ما يديره من القوانين، فما عليه إلَّا أن يكدَّ ويجدَّ ويعمل الخير ما وسعه أن يعمل الخير، ويجتنبَ الشرَّ ما أُتيح له أن يجتنب الشر.
ولا عليه بعد ذلك أن تسره الأيام أو تسوءه، وأن تسخطه الأحداث أو ترضيه.
ولكن في القصة أشياء أخرى غير هذا العرض الفلسفي لمشكلة القضاء والقدر، هو الذي أتاح لها الخلود، وهو نقد الحياة الإنسانية من ناحيتها السياسية والاجتماعية والخلقية، والنفوذ بهذا النقد إلى صميم الطبيعة الإنسانية، وما ينشأ عن احتمالها للحياة وتصرفها فيها من الخطوب، وواضح جدًّا أنَّ فولتير قد اتخذ قصته هذه كلها وسيلة إلى نقد الحياة الأوروبية عامة، والحياة الفرنسية خاصةً، واتخذَ مدينة بابل رمزًا لمدينة باريس، وقصر بابل رمزًا لقصر باريس؛ ومن أجل هذا أشفق من نسبة هذه القصة إليه
ومن أجل هذا فُتِن الفرنسيون بهذه القصة في عصر فولتير، وما زالوا يفتنون بها إلى الآن، ومن أجل هذا أعتقد أنَّ قرَّاء العربية سيجدون في قراءة هذه القصة ما يُلائم حاجتهم إلى نقد الحياة الإنسانية من ناحية السياسة والاقتصاد والاجتماع، فليقرءوا، وليتفكروا، وليتذكروا، وليستريحوا إلى القراءة والتفكر والتذكر، ثم لينتفعوا بعد ذلك بما يقرءون وما يتفكرون وما يتذكرون. إقرأ المزيد