تاريخ النشر: 27/10/2024
الناشر: اسكرايب للنشر والتوزيع
نبذة الناشر:"كانت السماء هذه الليلة متضامنة مع رعبي، لم أرَ نجمة واحدة ساطعة، كل شيء حولي اتفق مع الظلام على إخافتي، حتى المقهى الذي علمت أن رواده يمكثون فيه حتى الصباح أُغلقت أبوابه في وجهي. وقفت أمام المنزل تبحث عيناي عن بارقة أمل، فيرتد بصري إلى جسدي مُهيِّجًا أعصابي، فتتصاعد أنفاسي ...المتلاحقة ويضطرم قلبي، فأشعر أنه سيمزق ضلوعي ويركض هاربًا من مخاوفي، يتركني وحدي أواجه عالمًا لا يعترف بالجبناء أمثالي.
في تلك الأثناء قررت أن أحمل مخاوفي بين يديَّ كما أحمل الرواية وأسير في الظلام، ربما يباغتني الضوء، فأنجو أو تباغتني الأشباح فأهلك، خطوة واحدة قطعتها، ثم سمعت صوت نحنحة من خلفي، فازددت ارتعادًا وقد قيَّد الرعبُ خطواتي وشلَّ حركة قدميَّ، فلم يبقَ فيَّ شيءٌ حُرٌّ إلا جسدًا يترنح ورأسًا يريد أن يلتفت إلى الوراء، وقبل أن يُكمل دائرته شعرت بيد توضع على كتفي اليسرى، فانتفضتُ رعبًا وحاولت أن أصيح مستغيثًا ولكن لساني أيضًا كان مغلولًا، فلم يخرج من بين شفتيَّ المرتعشتين إلا أنفاسي المتلاحقة وبحة مذبوحة، ثم صوت ثالث حاصرني لرجل أصبح قبالتي، كان الصوت للحاج قاسم، الذي كدت أرتمي بين أحضانه ولكنني تماسكت: "آدم يا ولدي، لماذا تقف هكذا؟".
قبل أن أجيبه سمعت صوتًا ينادي لصلاة الفجر، فرفعت إصبعي مشيرًا في اتجاه المئذنة، فانبعثت من وجه الرجل لمعة أضاءت عينيَّ، فعلمت أنه يبتسم ابتسامته التي أحببتها فيه، ثم أضاء قلبي قائلًا: "هيا بنا إلى مسجد الحسين، أنت بحاجة إلى زيارته والتقرب منه".
سار قلبي معه دون اعتراض، أما بقية جوارحي، فأُرغمت على ذلك وهي محبوسة في أماكن أخرى تشبه المغارات، ليس بها أبواب ولا نوافذ ولا أضواء، حتى ظلي الذي كان يرافقني طيلة حياتي تخلى عني، وانضم إلى الظلام سيد هذه الأمكنة المرعبة.
حين وصلت إلى باب المسجد تسمرت قدماي، وشعرت أن أحدًا يدفعني إلى الوراء، لا يريدني أن أدخل، والغريب في الأمر أن الحاج قاسم دلف دون أن ينتبه لتخلُّفي، كان بإمكاني مقاومة هذا الشيء الخفي، لكنني لم أفعل، واكتفيت بالصياح مناديًا على الحاج: "يا حاج قاسم، أرجوك انتظِرني".
"بيادق ونيشان" الرواية التي أعلن عن وصولها ضمن قائمة ال 18 في مسابقة "كتاريا" للرواية العربية لعام 2024. إقرأ المزيد