التحسين الوراثى لحيوانات المزرعة
(0)    
المرتبة: 208,221
تاريخ النشر: 01/01/1979
الناشر: دار غريب للطباعة والنشر
نبذة المؤلف:بعد أن انتهيت من هذا الكتاب جلست- كالعادة- كي أكتب له المقدمة. وفوجئت بأنها أصعب بكثير من كتابة أي فصل! فكلما بدأت الكتابة وجدت نفسي منساقًا أشرح في فهرس الكتاب أو أكتب كلامًا لا طائل وراءه- إلا أن أملأ صفحة أو بضع صفحات! إذا قلت إنني قد قسمت هذا الكتاب ...إلى بابين كبيرين، واحد لشرح ما يهم مربي الحيوان من علم وراثة العشائر، وواحد للتطبيق العملي لهذا العلم في حقل التحسين الوراثي للحيوان الزراعي، فإن هذا بالضبط هو ما يتوصل إليه القارئ بمجرد نظرة للفهرس، ولا يحتاج هذا الأمر إذن إلى توجيه وتأكيد مني في المقدمة.
هل أكتب إذن عن أهمية التحسين الوراثي للحيوان الزراعي في مصر، خصوصًا ونحن نعاني من هذا الانفجار السكاني الرهيب! ولكن.. هل هذا أمر يحتاج إلى تأكيد؟ وما الذي دعا القارئ لأن يمسك بهذا الكتاب أصلًا ليقرأه؟
قررت في النهاية إذن أن أكتب في هذه المقدمة ما أحسست به عندما بدأت في تأليف هذا الكتاب المتواضع، أن أكتب شيئًا من نفسي إلى القارئ، ربما لأوثق الصلة بيني وبينه... حيثما كان!
عندما بدأت الكتابة كان هدفي في الحقيقة أن أراجع كتابي القديم "مقدمة في علم تربية الحيوان" الذي كتبته سنة 1966، أعدت قراءته، فقد طال بي الزمن منذ كتبته وقرأته، فوجدت شيئًا به عزيزًا علي، شيئًا قريبًا إلى قلبي... رأيت فيه عفوية الشباب وانطلاقه وحماسه! رأيت فيه الزمان الذي قلت عنه يومًا: "كان فيه المستقيم... أقصر الأبعاد بين النقطتين!""... بالله! لقد كان كل شيء عندئذ بسيطًا جميلًا ساحرًا! بدا ذلك الكتاب لي أشبه ما يكون بالعمل الأدبي! فهل يغير الكاتب قصته بعد مرور الزمن؟ هل يغير الشاعر قصيدته بعد نشرها؟
ولكن العلم.. ليس أدبًا! العلم "لا شخصي" كما يقولون! له قوانينه وحقائقه التي لا يصح للعالم أن يلونها بريشته كيفما يرغب.
فما العلم؟ أليس العلم انطلاقًا في المجهول- كانطلاق الأديب والشاعر في المجهول؟ أليس هو البحث عن الحقيقة... التي يبحث عنها رجل الأدب؟ أليس هو البحث لرخاء الإنسان وهنائه، الضائعين اللذين يبحث عنهما الأديب؟ أليس أعظم العلماء- كأعظم الأدباء- هو أكثرهم فكرًا وأخصبهم خيالًا؟
لو كان الأمر كذلك- وما أظنه إلا كذلك- فلأترك كتابي القديم بحاله... بأخطائه وانفعالاته وعفويته، ولأترك له حتى عنوانه، ولأستعين به لأكتب من جديد، في نفس المواضيع، وربما بنفس الترتيب- دون أن أمسه!
وها قد انتهيت من وضع الكتاب- وقاربت الانتهاء من مقدمته!- وكلي أمل في أن يحوز رضاء القارئ، وأن أكون قد استطعت التعبير عما أريد أن أقوله، وأن يجد قارئي فيه شيئًا من ذلك الطعم الساحر الغريب الذي يتميز به العلم...
لقد سمعت أستاذي الدكتور "ألان روبرتسون" يقول يومًا- وكنا طلبة نجلس في مكتبه نشرب القهوة- سمعته يقول "تربية الحيوان... جبر"، فقليلًا إذن من الجبر، وقليلًا أيضًا من الصبر، وهات أقلامك وأوراقك، وتعال معي نقرأ!
ومعنا الله.. طالما كنا نعمل من أجل رخاء الإنسان ورفاهيته. إقرأ المزيد