تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: دار العلوم للنشر والتوزيع
نبذة المؤلف:قدم رجل على بعض السلاطين، وكان معه حاكم أرمينية، منصرفًا إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبة مبنية، مكتوب عليها: هذا قبر الكلب، فمن أحب أن يعلم خبره، فليمض إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها من يخبره.
فسأل الرجل عن القرية، فدلوه عليها، فقصدها، وسأل أهلها، فدلوه على ...شيخ، فبعث إليه، وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله، فقال: نعم، كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، و كان مستهترًا بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه، وسماه باسم، و كان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غدائه وعشائه، أطعمه مما يأكل.
فخرج يومًا إلى بعض متنزهاته، و قال لبعض غلمانه: قل للطباخ، يصلح لنا ثريدة لبن، فقد اشتهيتها، فأصلحوها، ومضى إلى متنزهاته.
فوجه الطباخ، فجاء بلبن، و صنع له ثريدة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ شيء آخر.
فخرج من بعض شقوق الحيطان أفعى، فكرع من ذلك اللبن، ومج في الثريدة من سمه، والكلب رابض، برى ذلك كله، و لو كان له في الأفعى حيلة لمنعها، ولكن لا حيلة للكلب في الأفعى والحية، وكان عند الملك جارية خرساء، زمنة، قد رأت ما صنع الأفعى.
ووافى الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان، أول ما تقدمون إلي الثريدة.
فلما قدموها بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونيح الكلب و صاح، فلم يلتفتوا إليه، وألح في الصياح ليعلمهم مراده فيه.
ثم رمى إليه بما كان يرمي إليه في كل يوم، فلم يقربه، ولج في الصياح. فقال لغلمانه: نحوه عنا، فإن له قصة، ومد يده إلى اللبن.
فلما رآه الكلب، يريد أن يأكل، وثب إلى وسط المائدة، و أدخل فمه في اللبن و كرع منه، فسقط ميتًا، وتناثر لحمه.
وبقي الملك متعجبًا منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها، وما صنع الكلب.
فقال الملك لندمائه وحاشيته: إن كلبًا قد فداني بنفسه، لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبة، وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان من خبره. إقرأ المزيد