الطاقة في عصر الذكاء الاصطناعي ؛ التقنيات الذكية وإعادة هندسة المصادر التقليدية وغير التقليدية
(0)    
المرتبة: 231,491
تاريخ النشر: 19/05/2025
الناشر: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
نبذة الناشر:كانت التكنولوجيا والطاقة دوما في حالة من التلازم والترابط على مدار التاريخ، حيث استفاد كلاهما من إمكانات وقدرات الآخر، على نحو ساعد في دفع عملية التصنيع ونمو الاقتصاد والازدهار العالمي. فقد أسهمت الابتكارات التكنولوجية المختلفة على مر التاريخ بدءا بالمحركات البخارية، مرورا بمحركات الديزل، وصولا للسيارات الكهربائية، في تطوير وسائ ...النقل، بالإضافة إلى المساعدة في توفير إمدادات كافية من الطاقة وبأسعار معقولة. وبينما تتطور التقنيات التكنولوجية عاما بعد آخر، ينظر الآن للذكاء الاصطناعي باعتباره قوة تحولية قادرة على قياس الأنظمة والتنبؤ بها وتحسينها، وتمكين القوى العاملة ؛ الأمر الذي سيحدث تحولا جذريا في نظامي الطاقة والاقتصاد العالميين.
لقد أسهمت التطورات التكنولوجية التدريجية والجذرية( في العقود الماضية في تغيير نظام الطاقة، وخفض تكلفة الحصول عليها. ويمكن للذكاء الاصطناعي بإمكاناته الهائلة تعزيز أمن الطاقة العالمي، وخفض الانبعاثات الكربونية ، ضمن فوائد متعددة يُمكن لصناعة الطاقة أن تحققها من خلال تطويع القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي؛ تشمل تحسين العمليات التشغيلية لإدارة الأصول والمعدات في قطاع الطاقة بشكل أسرع وأذكى وأكثر دقة منها في حالة الاستعانة بالعنصر البشري. كما يمكن للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مساعدة المؤسسات ليس على خفض التكاليف الإنتاجية وحسب، بل وتحسين معايير أمان وسلامة المنشآت والأفراد أيضا .إن دور الذكاء الاصطناعي وإمكاناته في قطاع الطاقة يشمل استكشاف مكامن النفط والغاز الطبيعي، حيث يُساعد على تحديد الاحتياطيات المحتملة منها، وتحسين عمليات الحفر بدقة؛ بما يرشد قرارات الاستثمار في قطاع استكشاف مصادر الطاقة الأحفورية.
ولا يقتصر العائد من وراء ذلك على تعظيم الاستفادة من تلك المصادر وزيادة الإنتاج منها، بل إنه يمتد أيضا إلى تحسين البصمة الكربونية لأنشطة الاستكشاف والاستخراج . وللذكاء الاصطناعي أيضا تطبيقات مختلفة على طول سلاسل الإمداد في صناعة الطاقة، بداية من توليد الكهرباء، مرورا بتوزيعها، وصولا لاستهلاكها، ضمن ما يعرف بتحسين كفاءة الطاقة. كما يعزز الذكاء الاصطناعي فرص دمج الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء على نطاق واسع، فضلا عن قدرته على التنبؤ بإمكانات توليد الكهرباء عبر المصادر المتجددة، وتعزيز استقرار الشبكات الكهربائية من خلال تحليلات البيانات في الوقت الفعلي. على هذا النحو، يمكن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال التحليل الدقيق للبيانات الضخمة في تحسين أنظمة توليد الطاقة، والتنبؤ بالطلب عليها، والاستجابة لها في الوقت الفعلي، وإدارة الأحمال وغيرها.
كما تدعم خوارزميات الذكاء الاصطناعي عملية الصيانة التنبؤية للشبكات، حيث يمكنها توقع أعطال المعدات والأصول قبل حدوثها، كما أنها تساعد على تنفيذ أعمال الصيانة؛ ما من شأنه تقليص أوقات التوقف، وخفض نفقات الصيانة. ومن هذا المنطلق، يتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في تعزيز عملية انتقال الطاقة، من خلال المساعدة على إدارة التعقيد المتزايد الذي ينطوي عليه توسيع نطاق استخدام الكهرباء النظيفة، وتكامل مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة، وإدارة عملية تخزين الطاقة، والاستجابة للطلب المتغير. وتعزز تطبيقات الذكاء الاصطناعي فرص بناء أنظمة طاقة ذاتية التشغيل بالكامل، بحيث لا يقتصر دوره فيها على مراقبة وإدارة تدفقات الطاقة فحسب؛ بل يتخذ أيضا قرارات استراتيجية لتحسين الأداء والاستدامة أيضا .
وعلى الرغم من الآفاق الواعدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الطاقة؛ فإن ذلك ينطوي على العديد من التحديات، التي تجابه تبنيه ونشره بوتيرة سريعة، كتحديات الامتثال التنظيمي والتكاليف الاستثمارية المرتفعة ، وكذلك التهديدات الإلكترونية الناجمة عن استخدامه، وبعض المخاوف التي تتنامى لدى صناعي القرار، لا سيما إذا اعتمدت تطبيقاته على بيانات متحيزة أو غير دقيقة . فضلا عن ذلك يستهلك الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الطاقة، وتتطلب العمليات المُعتمدة عليه طاقة أكبر من التقنيات التقليدية. وفي هذا الإطار، فإنه بحلول عام 2030 ، قد يزداد الطلب العالمي على الطاقة لتشغيل مراكز البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بنسبة تتراوح بين 18 إلى 20 % سنويا ، ليصل إلى أكثر من 1000 تيراواط/ساعة، وهو ما يعادل نحو ربع الطلب الأمريكي على الطاقة حاليا ، ولمواجهة هذا التحدي؛ ينبغي على مُنتجي الطاقة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ذاته في تحسين عملياتهم وتعزيز الكفاءة، وتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة . وفي سياق الموازنة بين العوائد المتوقعة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة العالمي من ناحية، واعتبارات مواجهة التحديات الناشئة عن ذلك، يأتي هذا الكتاب، الذي ينقسم إلى ستة فصول، إقرأ المزيد