لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English Books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0
تعليقات الخاصة بـ
بابا سارتر - علي بدر   مقالة الشرق الأوسط - 06/09/2005
بابا سارتر رواية الجيل الغاضب في الثقافة العربية * فيصل خرتش تنفصل رواية «بابا سارتر» لعلي بدر عن الرواية التقليدية بواسطة طرائق متنوعة، كتقطيع السرد والغموض في احداث الرواية ومتابعة افكار الرواية لتشكل فلسفة خاصة بها. وعلى طريقة ألف ليلة، تستدعي الرواية اطاراً داخل اطار، فالراوي الواعي بالعملية الروائية، يدخل الى المتن الحكائي من خلال ادعائه بأنه سيؤلف، أو يكتب، سيرة احد الاشخاص، ويكلف بذلك من قبل اثنين «حنا يوسف» حفار القبور ذي السحنة المرعبة وصديقته الخليعة التي كان يطلق عليها اسماً توراتياً غريباً (نونو بهار)، هما من اغوياه بكتابة سيرة حياة الفيلسوف العراقي الذي كان يقطن محلة الصدرية ابان الستينات، ويمول هذا المشروع، تاجر عراقي نصف مجنون، نصف معربد، غير شريف بالمرة، يطلق على نفسه (صادق زاده). والحكاية الخارجية تتعلق بعملية كتابة الحكاية الداخلية، فتبدو العلاقة بين الحكايتين علاقة تداخل على المستوى الروائي، ومعنى هذا ان الحكاية الداخلية ليست مستقلة عن الحكاية الخارجية، كلتاهما متشابكتان في كل واحد، لإعطاء صورة متكاملة عن العراق الثقافي، فترة الستينات وما بعدها. ثقافةشفوية يدقق علي بدر كثيرا في التفاصيل الصغيرة، وفي بحثه عن ما يخص الفيلسوف يتجول في بغداد ويعيد الى الذاكرة الاماكن والاشخاص والاشياء التي كانت تلك الايام، لا بل انه يعيد الحياة اليها من خلال معرفته الاليفة لها. يبدأ الراوي بكتابة، او برسم، التفاصيل الدقيقة لحياة عبد الرحمن، فيلسوف الصدرية الذي كان يعيش حياة سارتر الى حد التطابق، انه يشبهه في كل شيء، تسريحة شعره، نظارتيه، اهله، وكان يتمنى لو كان الوجود عادلا ومتساويا واخلاقيا، حتى يكون اعور ليتشابه مع عور سارتر. وهذا العور كان يترك لديه شعورا قاسيا مهدما، حتى حين كان يعيش في باريس عاصمة الوجودية، يحضر لدراسة الدكتوراه في الفلسفة الوجودية في جامعة السوربون اواخر الخمسينات، ولئن فشل في دراسته وترك العلم لاهله فقد عاد بزوجة شقراء فرنسية على عادة العراقيين (فإن لم يكن بالعلم فبمصاهرة أهل العلم على الاقل)، كما قال نوري السعيد يوما. عاد عبد الرحمن من باريس الى بغداد، اوائل الستينات، عودة ابدية، مع زوجته الفرنسية، معللا النفس بحياة فلسفية دون شهادة في الفلسفة، فاستقبله المثقفون بعاصفة من التصفيق والتشجيع، فأطلق عبارته الشهيرة (ما معنى الشهادة في عالم لا معنى له). ابتداء من هذه اللحظة يتابع الكاتب رصد حياة الشارع الثقافي في بغداد وبيروت وانتشار الوجودية بين المثقفين واستقبالهم لعبد الرحمن الذي اصبح فيلسوف الصدرية بلا منازع وطبقت شهرته العالم العربي، حتى كتب له يوما سهيل ادريس يطالبه فيها بكتابة مقالات وجودية لمجلة «الآداب» ووقعتها معه زوجته عايدة، وقد رفض عبد الرحمن هذا الامر بصورة قاطعة، بحجة انه يفكر فلسفيا باللغة الفرنسية، ولذا لا يمكنه نقل افكاره باللغة العربية. وفي الواقع كانت ثقافته تستند الى الكلام، لا الى الكتابة، كما كانت ثقافة اغلب مثقفي جيله وهي: الجلوس في المقاهي والتحدث بصورة لا نهائية على طق الدومينو وشخير النارجيلة صباحا، الرقود في السينمات متراصين على الكراسي الخلفية عصرا، وفي المساء العربدة في الملاهي والبارات والاماكن العامة، الكتب لا تقرأ منها الا عناوينها ولا يعرف احد منها الا العروض المتيسرة في الصحف والمجلات الادبية، ومع ذلك ممالك تبنى في الكلام وممالك تهد، عروش يهزها الكلام ويخلخلها ومدن يصنعها الكلام ويؤسسها، وليس هنالك في واقع الامر