تاريخ النشر: 01/02/2002
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:"كدت أجن. ثلاثة أشهر من غير أن أعرف كيف قضيتها. بعدها، لم أعد أحسب الأيام. نبت شعر لحيتي وطال إلى أن أصبحت معالم وجهي غريبة عني. منذ ذلك الوقت وأنا أتحاشى النظر في المرآة. كنت أقوم بدور مساعد له في تلبية جميع طلباته الغريبة إلى أن أصبحت أعرف تماماً ...ماذا يريد بمجرد سماع مشكلة المريض. اكتشفت بين كتبه القديمة الكثير من غرائب السحر. لم أنس رقصة المزمار. كنت أشتاق إليها دائماً. أشعر بها. عندما ألعبها أحس بأن الغرائز والرغبات المفتونة تنطلق بقوة وكأنها تقذف نفسها في وسط النار الملتهبة في المنتصف. أردت أن أنتقل من الموت إلى الحياة ولو على جثث الآخرين. تحدثت معه عن رغبتي. لم يجبني. كان دائماً يتجهز للرحيل. لم يفتر عن ذكر الرحيل. نسيت الحارة اسمي ولم يعد يذكرني أحد. القليل يتهامسون في ما بينهم عني: كان مجنون مزمار.. إنه مسحور.. كان الجن يتلبسه. هل نظرت إلى عينيه، عندما يفور تبدوان كحجرتين مشتعلتين، قدماه لا تكادان تلمسان الأرض، أين ذهب؟ خطفته الشياطين، ولا يعرف مكانه أحد. تزاحم العبيد حولنا وكأنهم يمسكون به ويأخذونه. لم أتحرك من مكاني. كنت كالمقيّد إلى تلك الصخرة. حملوه كريشة صغيرة وبدأوا يتصاعدون خلف بعض إلى السماء. هززت رأسي متأكداً مما أرى، لقد كان خطأ من العبيد، ممتداً إلى السماء، ودمدماتهم لا تنقطع، تضج في الهواء حولي. والحفائر نائمة تحرسها كلابها بنباح عنيد، لا يكل ولا يتعب. انتفضت واهتز جسدي لأجد الشقوق في الجدار تتسع ويتسلل منها ضوء شاحب. تبدو الحياة مهزلة كبيرة نتبادل فيها الأدوار، بصمت واتفاق مسبق تمّ بعيداً. نظرت من الباب إلى السماء المعلقة فوق الحفائر كدخان خانق يبحث عن أنوف لا تفقه لغة الشمّ. نظرت إلى الأرض نحو جثة سراج الأعرج. كنت خائفاً ألا أجدها. لكنها كانت تجثم على الغرفة كصخور الجبل القاسية. لأول مرة أحس براحة وأنا أنظر إلى الجثة فأجدها منطرحة عند قدمي. كنت أتحدث معه قبل قليل. وكنت أتحدث مع أبي. والآن لا شيء، غير هذا الوجوم السحيق".
بين السنة والكرى، بين هدأة الحلم ويقظته مساحة للخيال مترعة بشتى الصور، وكأن عبد الله التعزي عايشها فنسج من إيماءاتها أحداثاً تسحب القارئ إلى عالم مشاد من حوادث شخصياتها وأبطالها أنس قادمون من ذاك العالم الغيبي.. أموات.. أحياء، أنس وجن، سحر وشعوذة. بشرٌ مغلوبون على أمرهم.. وإنسان معذب.. وكاتب ينسج من حكاياتهم حكايات تسحب القارئ إلى أجواء رائعة تجد الفلسفة في أجوائها الإنسانية ومناخاتها متنفساً، ويجد القارئ لخيالاته ولذائقته الروائية والأدبية منها متسعاً من الإبداع.نبذة الناشر:الحفائر... إحدى بوابات مكة إلى الحرم، وأتوقعها دائماً مشرَّعة أمام كل القادمين من الذنوب، كنافذة مفتوحة للصعود إلى السماء.
... كانت الجن تسرح بها، تستند إلى صخورها الحارة، تبتسم ثم تتوسد التراب الخشن. لا تجد أي إنسان يشعر بوجودها، غير بعض الأجساد المتفحمة والجلود الجافة.
... الحفائر، نفسها، قبر كبير يحتوي على ألوف من القبور الصغيرة التي تبدو وكأنها ستستمر في وجودها ما استمرت أسرارها في الكتمان.
... الشارع في الحفائر يرتسم بين البيوت وتحت الرواشين كخيط رقيق يمسك بزمام الحارة من داخلها، ويعبر بها ما بين الهواء والسماء إلى أن يصل إلى خط الأفق.
... في ليل الحفائر سحب كثيرة تتكون من كلام قيل طوال النهار، فتحيطها بهدوء متعب يتلمسه المارة...
... لم تتغير الحفائر... إلى الآن. إقرأ المزيد