مراثي الأيام 'ثلاث حكايات عن الموت'
(0)    
المرتبة: 8,846
تاريخ النشر: 01/12/2001
الناشر: دار ورد للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:"قال الراوي المعاصر: ورأيت فيما يرى النائم أن روحي غادرت جسدي خارجة من تلك الممالك والصحارى والبلدان (في ذلك الزمن كنت أهجس بالهجرة والرحيل إلى جزيرة بعيدة تشبه جزيرة حي بن يقظان وفي رأسي سؤال سأطرحه على صديقي حي الذي اختار العزلة منفى وملاذاً: هل الوصول إلى الله عن ...طريق التأمل والكشف والاعتزال يغسل تاريخ الدم والشهوات؟...) وكان أن تحوّل جسدي إلى ما يشبه الطيف، وكانت الروح دليل وقرينتي.. وكنت أصعد على أجنحة الريح خفيفاً ورشيقاً عبر فضاءات غربية لا أعرفها، وجاءتني أصوات هي أقرب إلى الصدى: إلى أين ولماذا هذا الهجيج والهروب؟ وخيّل إلي، وأنا عبر طيّات الريح أني لست وحيداً غير أنني لا أرى الآخرين سوى كأطياف أو مرتسمات تشبه الغيوم فوق أفق البحر.. كلها بدت لي فارّة ومذعورة من شيء غامض يطاردها. وبانعطاف سريالي غريب تحوّل المشهد، فإذا بي فوق أرض عشبها كالياقوت والمرجان، وباغتني رجل غريب.. وقال الدخل إلى القبة البيضاء هناك.. وفي صدر الفسطاط كان يجلس على كرسي كالعرش رجل مهيب بعمامة بيضاء ولحية تتدلى حتى الصدر.. وسألته عن الحكمة في موت الأطفال والنساء الأنقياء وبقاء الأشرار على سطح الأرض، وحدثني عن سرّ حكمة الله في خلقه.. وقلت بأنني أخاف الظلمة التي جئت منها ولا أرغب في العودة إليها ثانية.. ورغبت القول: لو أتحول إلى حجر أو شجرة.. فلا أعود إلى ديار قومي السفاحين الذين هربت منهم..".
تلك البذرة التي نبتت منها فكرة مراثي الأيام العربية في التاريخ، والتي حكى من خلالها حيدر حيدر ثلاث حكايات عن الموت. فهذه القصص غير المألوفة في بنيتها الروائية، والتي تتوالد وتتناسج تفاصيلها، حيث تبدو متناثرة كبذار الحب في الأرض عبر فصول الترف، ليست قصص أو روايات تاريخية رغم مرجعياتها التي تستند إلى التاريخ والتراث، من تاريخنا وميراثنا المتقاطعين بظلال الظلمة والنور في الحقب القديمة والحديثة.
يقول حيدر حيدر بأن هذه القصص ما كانت كنسج روائي موحد في ذاكرته ولا في فضاء أفقه أو مشروع الأدبي حين بدأها، لكن المصادفة الغريبة والشبه عفوية قادته إلى هذه القصص المنسوجة من مشاهد مؤلمة ومرّة حتى تخوم الوحشية، حرّضته وهو يقرأ تاريخ الملوك والأمم المعروف بتاريخ الطبري: وخلال رحلته مع هذا التاريخ، الذي يبدأ من آدم، عابراً فضاء التاريخ والتاريخ العربي والإسلامي حتى نهاية الدولة العباسية، أذهلت الروائي وصدمته تلك الأحداث والوقائع الدموية والساديّة لأولئك الحكّام والخلفاء في العصور القديمة. وتأسيساً على هذا التاريخ، بدا له الزمن العربي شبيه بخذروف يدور حول ذاته في فضاء من الدم والفتك والعسف والأهوال اللانهائية.
وهكذا في سياق التأمل والوعي النقدي ولدت لديه أسئلة: كيف؟ ولماذا؟ وإلى متى سيستمر هذا التوحش؟ وهل من أفق مستقبلي محتمل؟ وبتأمل هادئ واستنتاج منطقي اقتنع، من خلال الوقائع والأحداث، المقارنة بين الماضي والحاضر، أن الحاكم الفرد المعصوم الممسك بزمام السلطة خلال خمسة عشر قرناً هو الوحش الأسطوري (اللوثيان الجرثومي) للخراب الحضاري هو الذي يقطع الطريق على إمكانية فعل التغيير، وتشييد حضارة جديدة، تتأسس على الحرية والعدالة، واجتياز عتبة الماضي للدخول إلى العصور الحديثة.
هذا هو المفصل أو حجر الزاوية في حكايات حيدر حيدر الثلاث. وهكذا من خلال القصص التي ستروى يبدو الرحيل إلى جزيرة حي بن يقظان لا يعدو كونه رحيلاً مجازياً، تخييلياً عبر محاور لإزاحة كابوس التاريخ وظلاله السوداء، لكنه يستند في جانب منه إلى أساس واقعي في رواية حي. تلك هي رؤية الكاتب وخيالاته وللقارئ مطلق الحرية للاتفاق أو الاختلاف معه بعد وقوفه على حيثيات قناعاته من خلال سرديات هذه المراثي.نبذة الناشر:ثلاث حكايات عن الموت والحياة والأمل.
في العالم، عالمنا نحن العرب، يتجلى العنف والقتل والاتّهام والعقاب، سمة فاضحة وعارية للسلطة عبر العصور العربية: ماضيها وحاضرها.
ما من أحد بريء في فضاء هذه السلطة، كما لا أحد ينجو من المعاقبة والحصار.
تنسج هذه الرواية بحكاياتها الثلاث نسيجاً مأساوياً منفرداً ومتصلاً في آن. الخيط المركزي فيها خَفيّ وموزع، يشبه نثر بذار في أرض لون ترابها بلون الدم.
تتصادى عبر هذا النسيج إيقاعات أشواق الحياة والأمل والحرية، لكن مدية العنف والتوحش تُمزّق هذا النسيج الضوئي.
في هذه المراثي يقول الراوي: "ها أنذا أشتت الحكاية. الكلمة الدقيقة هي أنني انثرها كما فلاّح يبذر قمحه في الأرض عبر الاتجاهات الدائرية؛ ولأكون صادقاً مع نفسي لستُ متأكداًَ من الإنبات، عبر تربة أشك بصلاح خصوبتها. كما يخيل إلي، أحاول أن أروي شيئاً من الزمن الهارب، في استقصاءات مشهدية لها صلة بالجغرافيا المحلية والكونية في آن، عبر طموح شبه مستحيل سأسميه: رصد الزمن المتحوّل داخل مساحة من ذاكرة لا تنسى.
لعل الكلمة الدقيقة تقترب من: محاولة إيقاف الزمن في لحظة هاربة تشبه الإنعاش لمريض سيصاب بفقدان الذاكرة". إقرأ المزيد