الوعي الجمالي عند العرب قبل الإسلام
(0)    
المرتبة: 107,232
تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: الأبجدية للنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:إن الدراسات التي عالجت الفكر الجمالي والفني عند العرب القدماء وفي تاريخ الحضارة العربية–الإسلامية فات، كلها تقريباً على دراسة الحياة الفكرية للمجتمع. أما العناصر التحتية في الحياة الاجتماعية، كالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك العلاقات السياسية فبقيت في الظل.
ومن المسلم به، في نظر الباحث، أن دراسة الحياة الفكرية لمجتمع ما بمعزل ...عن جوانب الحياة الأخرى لا يمكن أن تقود إلى حل مسائل كقضايا نشأة الفنون وتطورها، ولا يمكن أن يتوصل القائم بها إلى نتائج مقنعة، بل تجعله يخلط بين التيارات التاريخية الحقيقية، بعناصرها الموضوعية، وبين انعكاس هذه التيارات في وعي المجتمع. ولقد استوجبت رغبة الباحث في تمييز هذا العمل من الدراسات التي تجاوره في موضوعاتها، هذا التحديد النظري لما يعنيه المفاهيم الجمالية. وهو تحديد يوضح أن "المفهوم الجمالي"، كما يراه الباحث، ليس ظاهرة محصورة في إطار النشاط الفني أو، بوجه أعم، المروحي، بل هو ظاهرة لها وزنها الاجتماعي.
والباحث إنما يؤكد على طبيعة "المفهوم الجمالي" الاجتماعية وعلى موضوعية–أي معناه الإنساني الشامل–لاعتقاده بأن خصائص الأشياء الجمالية ملازمة لها ومرتبطة بدخولها في شبكة النشاط العملي الإنساني المعقدة المتشعبة. وعلى ذلك، فإن "المفهوم الجمالي"، برأي الباحث، هو قيمة للأشياء والظواهر الموضوعية، وهو نتاج عملية اجتماعية شاملة، مباشرة أو غير مباشرة، لا تقوّم الأشياء والظواهر من حيث وجودها لذاتها، بل من حيث وجودها للمجتمع وتقدمه. وتجنباً لفعل سوء فهم قد يؤدي إلى الخلط بين هذا الموقف وبين نظرة المدارس النفعية أو المادية المبتذلة إلى "المفهوم الجمالي" يؤكد الباحث أنه ينطلق من موقف لا يضع "المفهوم الجمالي" خارج حدود المنفعة بعامة، ولكنه يدرك في الوقت نفسه أن موضوع اللذة الجمالية قد لا يتضمن مصلحة نفعية مباشرة لفرد أو لفئة اجتماعية بعينها. فالمتعة الجمالية لا تكون دائماً بسد حاجات عملية مباشرة كالعطش والجوع، مثلاً، بل هي، في الأغلب الأعم، تنجم عن سد حاجات أسمى بكثير من ذلك، فللإنسان، عدا الحاجات النفعية المباشرة، جملة من الحاجات الاجتماعية المعقدة التي كثيراً ما تكون بعيدة الصلة بحاجاته النفعية.
وبسبب كل ما ذكر من تحديد للمفاهيم الجمالية وطبيعتها ولن يكتفي الباحث بالتقاط ما جاء من تعاريف للحسن والقبيح والجميل والجليل وغيرها في الكتابات العربية القديمة، فيشرحها ثم يعلق عليها، كما فعلت الدراسات السابقة في هذا الميدان، بل سيحاول، بدراسة هذه المفاهيم، جلاء هذه العلاقة الجمالية بين إنسان عصر الحضارة العربية الإسلامية وواقعه من خلال تجسدها في مجالي نشاطه الروحي والمادي، لذا سيتطرق الباحث في عمله، وبالقدر الذي يحتاجه موضوعه، إلى أمور تتعلق بالنشاطين الروحي والمادي في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في مجالاتهما المختلفة. ولن يقتصر في دراسته على الأسس الجمالية التي تجلت في نقد الأدب أو نقد الفنون التعبيرية بعامة. إقرأ المزيد