تاريخ النشر: 01/01/2000
الناشر: فصلت للدراسات والترجمة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يذهب أستاذ علم النفس التحليلي يونغ إلى أن السيكولوجيا ليس من شأنها إثبات أو نفي ما يعرف بـ "الحقائق الميتافيزيائية" وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك حتى لو أراد. لأن علم النفس معنيّ بما يسميه يونغ "ظاهراتية النفس". ان فكرة الخلود، مثلاً، ظاهرة نفسية شائعة في كل أنحاء العالم، ...فكل فكرة هي ظاهرة من وجهة نظر سيكولوجية، تماماً كالفلسفة أو اللاهوت. والأفكار، من منطلق علم النفس الحديث، تشكل "كينونات Entities" نفسية بمقدار ما تشكل الحيوانات والنباتات "كينونات فيزيائية" ويتكون المنهج العلمي من وصف الطبيعة، أي ظاهرات الطبيعة، ويتكون منهج علم النفس اليونغي، بمقدار ما يتعلق الأمر بالمسألة الدينية، من وصف الأفكار (الكينونات) الدينية.
ويرى يونغ ان الدين يقوم أساساً على الميثولوجيا، وهو الذي يقول (لا دين بلا ميتوس) والأفكار الميتولوجية، كما يقول يونغ، هي أفكار حقيقية بصفة جوهرية، وهي أقدم من كل فلسفة. مثل معرفتنا بالطبيعة الفيزيائية، كانت الأساطير في الأصل إدراكات واختبارات، وبمقدار ما تكون هذه الأفكار عالمية، تكون أعراضاً أو خواص أو أدلة على الحياة النفسية، وهي ماثلة أمامنا بصورة طبيعة، وليست بحاجة إلى البرهنة على حقيقتها. والسؤال الوحيد الذي يمكننا أن نبحثه في شيء من الجدوى هو عالميتها أو عدمها. فإن كانت عالمية، علمنا أنها تنتسب إلى المكونات الطبيعية والبنية السليمة التي تنتهض عليها النفس "سايكي Psyche" وان لم نجدها بأي نوع من الصدفة في داعية إنسان ما، فهي عندئذ موجودة في خافية لا شعوره، وحالته عندئذ من الحالات الشاذة، وكلما قلت هذه الأفكار العالمية في الداعية، كانت أكثر في الخافية، وكان تأثيرها أكبر على العقل الواعي.
هذه الحالة من الأشياء تشبه الاضطراب العصابي بعض الشيء. على ضوء ذلك يمكن القول بأن المسألة الدينية تحتل مركز الصدارة في علم النفس اليونغي. خصوصاً لمن بلغ سن الأربعين أو جاوزها. وعنده أن المعصوبين ممن بلغوا هذه السن ترجع أسباب عصابهم إلى قمع الوظيفة الدينية، التي يقتضيها تكيف الإنسان مع عالمه الداخلي، لصالح عقلانية مفرطة اقتضتها شروط الحياة الحديثة (في الغرب) والدين المنظور اليونغي، ليست كسباً حصله الإنسان في مجرى تطوره الاجتماعي، بل غريزة متأصلة، يسميها أحياناً السعي نحو الكلية، لا يسع الإنسان قهرها، كما لا يسعه قهر الغريزة الجنسية، بدون أن يترتب على ذلك أمراض نفسية قد تؤدي أحياناً بعقله. وفي هذا يختلف يونغ مع فرديد اختلافاً جذرياً، وهو الذي يرد أسباب العصاب حصراً إلى "الجنس" ومع أولر الذي يرد أسباب العصاب حصراً إلى "إرادة القوة" أو "حب السيطرة" أو "توكيد الذات" وهكذا يمضي القارئ في استشفاف أفكار يونغ من خلال هذا الكتاب الذي ضم عرض لما كتبه أستاذ مدرسة علم النفس التحليلي، كارل غ. يونغ في المسألة الدينية، حيث استفاد المترجم مما تمت ترجمته من أعماله المشار إليها في ثبت المراجع وعناوينها.
وتجدر الإشارة إلى ان بعض فصول هذا الكتاب، ولا سيما الفصل الرابع وشطراً هاماً من الفصل السادس، إنما هي من مساهمة المترجم، مستنداً معها إلى معطيات علم النفس التحليلي. ففي الفصل الرابع عمد المترجم إلى أسطورة بروميتيوس (سارق نار المعرفة) فترجمها عن موسوعة "لاروس" الميثولوجية مرفقاً تلك الترجمة بتحليل وجيز لقصة الخلق ما جاءت في "سفر التكوين" من كتاب "العهد القديم" وفي السادس تحدث المترجم عن ذكورية الثالوث ومؤنثية الأرض "التراب" مبيناً أسباب مفارقة الثالوث للعالم والإنسان كونه سماوياً، في مثل مفارقة السماء للأرض، متطرقاً من ثم إلى مفهوم للإسلام الكوني الذي ينهض على مبدأ "خضوع" النسبي للمطلق، وتبعية الجزء للكل، وإلى ان مصالحة الخافية مع الداعية تعبر عن نفسها كمصالحة بين الله والإنسان، إلى غير ذلك من المساهمات الجزئية التي يستطيع القارئ أن يدرها بلا عناء. هذا، ولكي يأخذ القارئ فكرة عن طبيعة الخلاف بين يونغ وفرويد، عمد المترجم إلى إضافة ملحق، يروي أسباب الافتراق بين زعيمي لمدرستين، اليونغية والفرودية، وبذلك تتبسط أمام القارئ صورة الموضوع بكامل أبعادها بحيث لا يفوته شيء مما يهمه معرفته في هذا المجال.نبذة الناشر:تحتلّ المسألة الدينية مركز الصدارة في علم النفس اليونغي، فليس الدين، في منظور يونغ، كسْباً حصَّله الإنسان في مجرى تطوره الاجتماعي، بل هو غريزة متأصلة لا يَسعُ الإنسان قهرها دون أن يترتب على ذلك أمراضٌ نفسية قد تودي بعقله أحياناً.
نأمل ان يكون هذا الكتاب حافزاً للكل المهتمين بالدين، من متدينين وعلمانيين، لإعادة التفكير في الطريقة التي ينظرون بها إلى الدين عامةً، والإسلام خاصةً، وإعادة اكتشاف ما يمنح للإنسان من ينبوع للحياة والمعنى والجمال، وما يخلعه على البشرية من رونق جديد. إقرأ المزيد