تاريخ النشر: 01/09/2001
الناشر: عويدات للنشر والطباعة
نبذة نيل وفرات:التاريخ في نظر (مسكويه) تجربة غزيرة ينبغي أن يفيد منها الناس كافة ولا سيما الخاصة المسؤولون عن الشؤون السياسية. وهو عند (ابن خلدون) فن عزيز المذهب، جمّ الفوائد، شريف الغاية. تتداوله الأمم والأجيال وتُشدّ إليه الركائب والرحال، وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال، وتتنافس فيه الملوك والأقيال، وتتساوى في فهمه ...العلماء والجهّال، إذ هو في ظاهرة لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، والسابق من القرون الأولى... ومن باطنه نظر وتحققن وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق: فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها خليق. وبقول آخر للتاريخ ظاهر وباطن. ظاهره خبر، وباطنه نظر. وهو حكمة يبدعها حكيم، وفن ظاهره وباطنه يتقنه فنّان. والحكيم والفنان هو المؤرخ. ولا مشاحة في نبوغ هذين الناظرين العربيين إلى التاريخ، ونظر أمثالهما الكثير في ثقافتنا صائب حصيف سديد.
ولكن الثابت في الأمر، أن العناية بالتاريخ ما برحت تنمو في ثقافات أخرى، في مختلف الحضارات. كما أن من الثابت أيضاً أن منوها لم يقتصر على الجوانب النظرية والمذهبية، الفلسفية والايديولوجية التي حفل بإبداعها الفكر الإنساني... بل إننا واجدون تعمقاً لنتاج التاريخ طامحاً لبلوغ الغاية من الدقة والجلاء.
وفي هذا الكتاب دراسة شيقة معمقة حاول من خلالها المؤلفان "غي تويلييه" و"جان تولار" إلقاء الضوء على صناعة المؤرخ أو مهنته. متتبعين تاريخ تطور هذه المهنة منذ ظهورها وحتى الوقت الحاضر. مجيبين عن بعض التساؤلات المطروحة حول ما المؤرخ؟ وكيف يغدو المرء مؤرخاً؟ ما هي أسس المهنة؟... وقد بسط المؤلفان القول في استعمال المؤرخ نشاطه استعمالاً جيداً، محذرين من خيبات الأمل، وشارحين الواجبات المهنية اللازمة، موضحين معنى، بل معاني المهم في التاريخ، والمهم هو ما يوسوس في صدر المؤرخ حاثاً إياه على البحث والتنقيب والتعميق وإماطة اللثام عن الخفي من الأمر، والمموه، والمكتوم، كاشفين الغطاء عن تأثير العوامل الشخصية كالمزاج والسجية في عمل المؤرخ نفسه.
ولما كان المؤرخ يكتب ليُقرأ، فقد عني المؤلفان بدراسة خصائص جمهور المؤرخ وأبانا حرص قراء الكتب التاريخية على أن يمتحوا منها عبراً لأن معرفة الماضي تتيح فهم الحاضر فهماً أفضل. والوضوح والأمانة، الموضوعية، التجديد، والتشويق هي عناوين واجبات المؤرخ، خادم الحقيقة.
وهذه الصلة تكمل صورتها ببحث ما يسميه المؤلفان التسويق وتوقعات المهنة التي نمت جوانبها حتى جاز تميز مهن تاريخية عدة. بعضها قديم كما في التعليم العالي وبعضها الآخر جديد كما في الصحافة والنشر... أما مستقبل مهنة المؤرخ وما يتوقع من تطورها القريب. فقد أفرد له المؤلفان فصلاً أخيراً يبين شتى الاحتمالات المتصلة بالوسائل المادية والوسائل التقنية وشرحا نتائج هذا التطور بما يوجب على هذه المهنة التحرك المتجدد، وأن يغدو التاريخ ذاته تاريخاً تقنياً. هكذا تمضي مهنة المؤرخ، ويمضي تاريخ التاريخ، وكلاهما يتسم بالتغير المطرد تبع الأزمنة والثقافات. وهذا كله بعض ما يلفت الانتباه إليه مؤلفا هذا الكتاب بأصالة وكفاءة ونجاح.نبذة الناشر:للتاريخ، بوجه عام، تاريخ، وهو تاريخ وجود وتاريخ فكر. فمن حيث هو وجود يكون التاريخ جماع ما يعيشه الأفراد والجماعات في واقع حياتهم، وملابسات نشاطهم، على مرّ الأيام، وتعاقب العصور والحقب. ومن حيث هو فكر فإن التاريخ نشاط ذهني يتوخى المعرفة بما حدث، ثم تحليل هذه المعرفة واستنباط ما يحسن استنباطه من قواعد ونظم وقوانين تنير إمكانات السلوك البشري الحاضر والقادم، أو أنها، كما يرى المتشائمون، لأن التاريخ لا يكرَّر نفسه، والزمان لا يشبه الزمان.
وقد جاء مؤلفا هذا الكتاب بدراسة شيقة جادة تخطت، أو أكملت ما سبقها من عناية بشؤون التاريخ. وقد شاء المؤلفان تعمق جدل ظاهر التاريخ وباطنه، ووجدوا أن بين الظاهر والباطن، بل من الظاهر إلى الباطن، ثمة عالم وسيع حي جياش أصيل فيه البراعة مطلب سائد دائم، والنجاح غرض صريح أو مكتوم، فسعيا إلى اختراق حجبه، وهتك أسراره، فكاتن من ذلك المسعى دراستهما الحاضرة عن صناعة المؤرخ أو مهنته. إقرأ المزيد