الفكر الخلدوني من خلال المقدمة
(0)    
المرتبة: 200,316
تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: مؤسسة الرسالة ناشرون
نبذة نيل وفرات:ليس هناك من باحث إسلامي لقيت آراءه من العناية والاهتمام ما لقيته آراء ابن خلدون، ليس فقط في العالم الإسلامي، وإنما في العالم الأوروبي، وقد يحسب الإنسان أحياناً أن ما يكتبه عن ابن خلدون يدخل ضمن الأبحاث المكررة والمعادة، وهذه ظاهرة، وقد تكون هذه الظاهرة عامة، إلا أن الكاتب ...يجد نفسه مشدوداً لابن خلدون، معجباً بآرائه، ينصت باهتمام إلى ما يقدمه من تفسير وتحليل، وكأن ابن خلدون، يمسك التاريخ ويعيد كتابته من جديد، عارياً متجرداً من ملابسه، في إطار رؤية خلفية تمكن المتتبع لذلك من ملاحقة الحدث، منذ نشأته الأولى، وتطوره، إلى أن يبلغ سن الرشد، ثم تعتريه ما يعتري الكائن البشري من أمراض، قد تقتله سريعاً، وقد يتغلب عليها بما يملكه من قوة ذاتية تمكّنه من المقاومة إلى أن يبلغ أرذل العمر.. ثم تتساقط أوراق الخريف، تاركة المجال واسعاً أمام أوراق الربيع التي تنمو صغيرة جميلة نضرة، وتدور الأيام عليها، لكي تكتمل دورتها من جديد، في حركة دائرية متجددة، لا تتوقف مع تعاقب الأيام.
ذلك هو ابن خلدون كما رآه الباحث من خلال قراءته السريعة لبعض فصول مقدمته وهذا ما جعله يغوص بعمق في بعض من جوانب حياته للتعرّف إلى شخصيته، لإيمانه بأن تجربة الإنسان مؤثرة في فكره، مسهمة في نضجه، محدّدة له طرائق وسبلاً. لذا لا شك أن ابن خلدون عندما كان يدون مقدمته كان يضع نصب عينيه شريطاً تاريخياً مسجلاً يراه أمامه، ثم يحاول تفسيره وتحليله من خلال تجربته الذاتية، وهي كما رآها الباحث تجربة غنية ثرية، عاشها وعايش أحداثها.
ومن ناحية أخرى فإن أهمية ابن خلدون استطاع أن يرصد الأحداث والمظاهر الاجتماعية في زمانه، كما استطاع الاختلاط بالقبائل البدوية، فيدرس طبائعها، ويلمّ بمطالبها، وأن يعرف جيداً ما يدفعها إلى الاطمئنان والاستقرار والولاء، وما يدفعها إلى الثورة ونقض الطاعة، وتغير الولاء. كما استطاع ابن خلدون تقديم تلك الظواهر الاجتماعية التي قدمها في إطار التطور الاقتصادي، كما استطاع رصد نتائجها السياسية، وذلك من خلال دراسته لطبائع القبائل وتفهم نفسيات القائمين عليها، رابطاً المسببات بأسبابها المادية، في إطار نظرية متكاملة منطقية واقعية، لا يجد القارئ صعوبة في فهمها واستنباط ملامحها الرئيسية، وهذا الربط بين الأسباب والمسببات، يوضّح منهج ابن خلدون العقلي الذي ينظر إلى الأشياء نظرة سطحية، تسلم بكل ما تراه، وإنما ينظر إليها من خلال العوامل التي أسهمت في تكوينها ابتداء من الإنسان التي تؤثر فيه عوامل شتى نفسية جغرافية تاريخية وطبيعية.
من هنا كان لا بدّ من هذه الدراسة المتأنية التي تفصح عن الفكر الخلدوني وذلك من خلال مقدمته "المقدمة". إقرأ المزيد