تاريخ النشر: 01/01/1990
الناشر: الشركة العالمية للكتاب
نبذة نيل وفرات:"إذا أردت أن تعرف موقع اللفظ الرشيق من القلب، وعظم غنائه ي تحسين الشعر، فتصفح شعر جرير وذي الرمة في القدماء، والبحتري في المتأخرين،... ومتى أردت أن تعرف فرق ما بين المصنوع والمطبوع، وفضل ما بين السمح المنقاد والعصي المستكره، فاعمد إلى شعر البحتري، ودع ما يصدر به الاختيار ...ويعد في أول مراتب الجودة، ويتبين فيه أثر الاحتفال، وعليك بما قاله عن عفو خاطره، وأول فكرته".
هذا هو الحكم الذي أصدره القاضي الجرجاني في شأن البحتري وشعره، قبل نحو من أحد عشر قرناً، وهو "حكم" لا يزال يتسم بالإنصاف والنزاهة وصدق النظر، لم تزد الآراء النقدية الحديثة عليه شيئاً، ولم تنقص منه شيئاً. ولا يزال أبو عبادة البحتري إلى يومك هذا، واحد من أبرع الذين استخدموا البيان العربي في كشف الأحاسيس، والإفصاح عن خفيّ المشاعر.
والمسألة المهمة التي يطرحها شعر أبي عبادة، إنما هي على وجه الدقة، "جمال التعبير"، ولا مشاحة أن هذا الجمال، أو هذه المسالة تحتل أعلى مقام في الأدب، منذ وجد الأدب، ونمت عل يده حضارة الإنسان في كل مكان.
نحن لا نواجه إذاً في شعر هذا الشاعر موقفاً سياسياً خاصاً كما كان الأمر مع أبي الطيب المتنبي، ولا وضعاً حضارياً قلقاً، على نحو ما رأينا عند ابن زيدون، ولا حالةً فلسفية معقدة، كما هو الشأن مع أبي العلاء المعري.
نحن مع البحتري إزاء ظاهرة جمالية فريدة في نوعها وأسلوبها، رغم أنها تتصل بالنفس وما يدور فيها، والطبيعة وما تنهيه إلى كل ذي حس من تأثرات وتأثيرات، والمجتمع وما يبعث في النفس ويودعها من تصورات وتطلعات وحالات.
وهذا معناه أن الظاهرة الجمالية-التعبيرية لا تنفصل، ولا يمكن أن تنفصل عن حياة الشخص، أو الطبيعة، أو المجتمع. وبهذا، لا يختلف البحتري عن أي من الناس، شاعراً كان أن غير شاعر، وإن تفرد باللفظ الرشيق، أو تميز بما هو مطبوع غير مصنوع.
وبين طيات الكتاب الذي بين يدينا دراسة ومختارات في الدراسة تم التحدث عن عبادة البحتري وعن بيئته وأعراض شعره، كما وتناولت أساتذة البيان الذي أخذ عنهم الجاحظ كالمبرد وابن المعتز، كما وتم التوقف عند السياسة المتبعة في ذلك العصر، وتأثير تلك الأوضاع على توجه البحتري وأشعاره... أما المختارات فهي عبارة عن أهم ما قاله البحتري من قصائد وأبيات شعرية، وزيادة في الإيضاح تم تذييل كل قصيدة بشرح تحدث عن معنى كل بيت وتوجهه... إقرأ المزيد